بقلم: البروفيسورة روحيه الشريف
تخيل أن جسدك يمتلك جيشاً وظيفته حمايتك، لكنه فجأة يقرر اختراق الحصن الأكثر قدسية في جسمك: الدماغ.
الذئبة الحمراء ليست مجرد طفح جلدي على شكل فراشة؛ بل هي أحياناً “عاصفة صامتة” تضرب الأسلاك الكهربائية لجهازك العصبي، مما يجعل المريض يشعر وكأنه غريب داخل عقله، يكافح أعراضاً لا تُرى بالعين المجردة ولكنها تهز كيانه.
*الأعراض*
كيف تؤثر الذئبة علي الجهاز العصبي؟
تتنوع الأعراض بين البسيط الذي قد نتجاهله، والحاد الذي يتطلب تدخلاً فورياً:
– الضبابية الإدراكية (Lupus Fog): صعوبة التركيز، نسيان المواعيد، والشعور بأن التفكير “بطيء”.
– الصداع الحاد: صداع يشبه الشقيقة ولا يستجيب للمسكنات المعتادة.
– الاضطرابات النفسية: تقلبات مزاجية حادة، قلق، أو حتى اكتئاب ناتج عن نشاط المرض كيميائياً.
– نوبات الصرع
– والحركات اللاإرادية: مثل (Chorea).
– السكتات الدماغية الصغيرة: نتيجة تجلطات دقيقة في أوعية الدماغ.
– تنميل الأطراف: وخز أو ضعف في الأعصاب المحيطية.
*العلاج*
خطة استعادة السيطرة
يعتمد العلاج على مبدأ “إخماد الحريق” أولاً ثم “منع اشتعاله” مجدداً:
– كتسبيط المناعة: مثل الكورتيزون بجرعات عالية أو “الميثوتركسات أو سيلوسيبت” لتهدئة الهجوم المناعي.
– العلاجات البيولوجية: أدوية حديثة تستهدف خلايا مناعية محددة (مثل ريتوكسيماب).
– مضادات التخثر: إذا كان السبب هو الأجسام المضادة للفوسفوليبيد التي تسبب تجلطات.
– العلاج النفسي والدوائي: للسيطرة على القلق والاكتئاب المصاحب لنشاط المرض.
الوقاية: كيف تحمي جهازك العصبي؟
رغم أن الذئبة مرض مناعي، إلا أن نمط الحياة يلعب دور “صمام الأمان”:
– الالتزام الصارم بالدواء: حتى في فترات الخمول (الهدوء) لمنع الهجمات المفاجئة.
– تجنب الشمس: الأشعة فوق البنفسجية هي المحفز رقم 1 لنشاط الذئبة.
– السيطرة على التوتر: الضغط النفسي يحفز الجهاز المناعي على الهجوم.
– الغذاء المضاد للالتهاب: التركيز على “أوميغا 3” الموجود في الأسماك لدوره في حماية الأعصاب.
إن إصابة الجهاز العصبي بالذئبة ليست حكماً نهائياً، بل هي معركة تتطلب ذكاءً في التعامل وصبرًا في العلاج. بفضل الطب الحديث، لم يعد المريض وحيداً في مواجهة “الضباب”، بل بات بإمكاننا اليوم إعادة ضبط البوصلة المناعية، ليستعيد العقل صفاءه والجسد توازنه. تذكر دائماً: الذئبة قد تهاجم جهازك العصبي، لكنها لن تستطيع كسر إرادتك.
