د حمدان محمد
يمر الشباب في مراحل مختلفة من حياتهم برغبة طبيعية في الترفيه وكسر الروتين والبحث عن لحظات فرح تخفف عنهم ضغوط الحياة وهذا أمر فطري لا ينكره دين ولا عقل فالإنسان لم يخلق ليكون آلة عمل فقط بل خُلق ليحيا حياة متوازنة فيها جد وفيها راحة
لكن المشكلة تبدأ حين يتحول الترفيه إلى سلوكيات خاطئة تضر الإنسان في دينه وعقله وصحته فينجرف بعض الشباب إلى السهر المبالغ فيه أو تعاطي المسكرات أو الوقوع في أفعال محرمة ظنا أن ذلك هو الطريق إلى السعادة بينما الواقع يؤكد أن هذه الطرق لا تمنح فرحا حقيقيا بل تترك فراغا وندما
وقد حفظ الإسلام عقل الإنسان وجعله أساس التكليف فقال الله تعالى
(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)
وقال سبحانه
(ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)
فكل ما يضر العقل أو الجسد أو يهدر كرامة الإنسان يدخل في معنى التهلكة ولو بدا في لحظته متعة عابرة وجاء التحذير النبوي واضحا وصريحا حين قال النبي صلى الله عليه وسلم
(كل مسكر خمر وكل خمر حرام)
رواه مسلم
والمسكرات لا تذهب العقل فقط بل تفتح أبوابا للخطأ وتغلق أبواب الحكمة وقد تؤدي إلى أفعال يندم عليها الإنسان طيلة عمره
وهنا لا يكون الحديث توبيخا ولا إدانة فكل بني آدم خطاء ولكنها كلمة صادقة بدافع الحرص على شباب هم عماد الأمة ووقود نهضتها قال الله تعالى
(إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)
فالفرح الذي يرضي الله لا يهدم الصحة ولا يضيع العمر ولا يترك في القلب وحشة بل يمنح طمأنينة وسكينة قال الله تعالى
(ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
كما أن الإسلام قرر قاعدة عظيمة تحفظ الإنسان والمجتمع حين قال النبي صلى الله عليه وسلم
(لا ضرر ولا ضرار) فكل سلوك يضر الإنسان أو يضر غيره لا يمكن أن يكون طريقا للسعادة الحقيقية وهذه الكلمات ليست تجريحا ولا تشددا بل دعوة رفيقة لإعادة النظر والبحث عن فرح نظيف يليق بقيمة الإنسان فرح لا يعقبه ذنب ولا يورث خجلا ولا ندما بل يرفع صاحبه في دنياه ويقربه من ربه
فمن عرف قدر نفسه حفظها
ومن حفظ نفسه فاز بسعادة لا تزول
حين يضيع الفرح في طرق خاطئة
164
المقالة السابقة
