الألوان التي تريح العين: واحة من الهدوء والراحة البصرية

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
في عالمنا المليء بالمحفزات البصرية والصخب اللوني، أصبحت الحاجة إلى البحث عن واحات من الهدوء البصري ضرورة لا غنى عنها. تلعب الألوان دورًا محوريًا في التأثير على حالتنا المزاجية، مستويات طاقتنا، وحتى صحة أعيننا. فكما أن هناك ألوانًا قد تثير التوتر وتتعب العين، توجد بالمقابل ألوان لها القدرة على بث السكينة والاسترخاء، وتوفير راحة بصرية حقيقية.
سيكولوجية الألوان وراحة العين
تعود قدرة بعض الألوان على إراحة العين إلى عوامل فسيولوجية ونفسية معقدة:
الطول الموجي
الألوان ذات الأطوال الموجية الأقصر (مثل الأزرق والأخضر) تتطلب جهدًا أقل من العين للتركيز عليها مقارنة بالألوان ذات الأطوال الموجية الأطول (مثل الأحمر والبرتقالي).
الارتباطات النفسية
ترتبط بعض الألوان ارتباطًا وثيقًا بالطبيعة والمشاهد
المريحة، مما يعزز الشعور بالهدوء والسكينة.
تأثيرها على الجهاز العصبي
يمكن لبعض الألوان أن تؤثر على الجهاز العصبي الباراسمبثاوي، المسؤول عن الاسترخاء والراحة.
الألوان الصديقة للعين
الأزرق
ظلاله: الأزرق الفاتح، الأزرق السماوي، الأزرق الباستيلي، الأزرق البحري الهادئ.
يرتبط اللون الأزرق بالماء والسماء، وهما عنصران يدلان على الاتساع والهدوء. يعتبر الأزرق لونًا مهدئًا يخفض معدل ضربات القلب وضغط الدم، ويقلل من التوتر. كما أنه من الألوان الباردة التي لا تتطلب جهدًا كبيرًا من العين لمعالجتها.
مثالي لغرف النوم، المكاتب (بدرجاته الفاتحة)، المستشفيات، وأي مكان يتطلب تركيزًا وهدوءًا.
الأخضر
ظلاله: الأخضر الفاتح، الأخضر الزيتي، الأخضر النعناعي، الأخضر الزمردي الهادئ.
هو لون الطبيعة بامتياز، ويذكرنا بالغابات والمساحات الخضراء المفتوحة. يساعد الأخضر على تخفيف إجهاد العين وتقليل التوتر، حيث يعطي العين شعورًا بالراحة والانتعاش. يعتقد أنه يحسن الرؤية الليلية في بعض الظلال.
مناسب للمساحات التي تتطلب الاسترخاء والتجديد، مثل غرف المعيشة، المكاتب، وحتى في تصميم واجهات المستخدم لتقليل إجهاد العين الرقمي.
البنفسجي الفاتح (اللافندر)
ظلاله: اللافندر، الليلكي الفاتح، البنفسجي الباستيلي.
يجمع بين هدوء الأزرق ورقة الأحمر، مما يجعله لونًا مهدئًا للغاية. غالبًا ما يرتبط بالهدوء والروحانية والتأمل، ويساعد على خلق جو من الاسترخاء العميق.
ممتاز لغرف النوم، غرف التأمل، وأي مكان تسعى فيه لخلق أجواء هادئة ودافئة.
الرمادي الفاتح والبيج
ظلالهما: الرمادي الفاتح جدًا، البيج الرملي، الكريمي.
هذه الألوان المحايدة توفر خلفية هادئة وغير مزعجة للعين. لا تثير أي استجابات عاطفية قوية، وتسمح للعين بالراحة دون الحاجة إلى معالجة الكثير من المعلومات اللونية. كما أنها تساهم في خلق شعور بالاتساع والنظافة.
مثاليان للجدران، الأثاث، وفي تصميم واجهات المستخدم كألوان خلفية.
نصائح إضافية لراحة العين:
الاعتدال في استخدام الألوان: حتى الألوان المريحة قد تصبح مزعجة إذا استخدمت بكميات مفرطة أو بدرجات شديدة الإشراق.
الإضاءة المناسبة: لا تقتصر راحة العين على الألوان فقط، بل تمتد لتشمل جودة الإضاءة وكميتها. الإضاءة الطبيعية هي الأفضل دائمًا.
مراعاة التباين: عند دمج الألوان، احرص على وجود تباين كافٍ بينها لتجنب إجهاد العين في محاولة التمييز.
فترات الراحة البصرية: بغض النظر عن الألوان المحيطة بك، فإن أخذ فترات راحة منتظمة من الشاشات أو المهام التي تتطلب تركيزًا بصريًا أمر حيوي للحفاظ على صحة العين.