رواية الرجل العجوز والبحر .. للكاتب الأمريكي إرنست هيمنجواي.
https://hadithwatan.com/8500.html https://hadithwatan.com/8500.html

مراجعة /أميرة محمد.
الكاتب إرنست هيمنجواي كاتب أمريكي حصل على جائزة نوبل للأدب وهو من أشهر بل أهم الكتاب الأمريكان خاصة وكتاب الأدب عامة فهيمنجواي كاتب ذو طابع خاص بالكتابة بحكم ما تعرض له في حياته ، فحياته زاخرة بالأحداث و المواقف والحيوات المتعددة التي أصقلت موهبته وطورت منهاجه الأدبي فهو شاعر وقصصي وروائي ممتاز ، أسس وبنى وطور من حروفه وكلماته مدرسة ومرجع أدبي و تاريخي يمكن للآخرين الرجوع إليه .
قبل الإبحار مع الشيخ أو العجوز وبحره لابد لنا أن نبحر في حياة هيمنجواي قليلا لنقف على بعض النقاط الهامة التي لا يمكن فهم رمزية ما يكتب إلا من خلال الإشارة إلى حياته فمراحل حياته من طفولة وصبى و كهولة كانت محط أنظار أي ناقد أو باحث يريد أن يقف على أعمال هيمنجواي .
نشأ هيمنجواي في أسرة تسيطر فيها الأم على كل أمور الحياة فلا وجود للأب إلا بشكل صوريا أتعب هيمنجواي جدا فكان ينظر للمرأة نظرة كراهية بعض الشىء ورغم ذلك تزوج أربع مرات ، كانت أمه عازفة آله التشيلو وكانت تجبره على العزف حتى ألفه فكان صاحب أذن وحس موسيقي عال نجده واضحا في كتاباته .
كان موقفة ضد المرأة محفورا داخله بسبب موقفه من أمه ثم من أول حب في حياته حين هجرته وتزوجت غيره .
نأتي إلى الحدث الأكبر في حياته وهو الحروب التي خاضها وعاشها فأثرت بشكل كبير على كتاباته وعلى حالته الصحية و النفسية فقد خاض الحربين العالميتين الأولى والثانية وأيضا حرب إسبانيا بحكم وظيفته كصحفي.
عاش هيمنجواي حياة متشعبة الأماكن والأشخاص والتقلبات النفسية و الإجتماعية والإقتصادية وحتى الروحية حتى انتهى به الأمر أن ينهي حياته منتحرا برصاص بندقيته .
رواية الرجل العجوز والبحر من أحب الروايات إلى كقاريء ففيها من العظمة ما يحتاج إلى ساعات و ساعات لشرحه، رغم أن الرواية قصيرة نوعا ما إلا أنها إنسانية نفسية بحته تركز على الإنسان والمخلوقات من حوله أيضا .
الرجل العجوز (سانتياجو) ما هو إلا رمز للإنسانية في طورها الأول فحين يحتضن سانتياجو مانولين (الصبي الصغير الذي يعتبر سانتياجو قدوته ومثل يحتذى به رغم محاولات والديه أن يبعدوه عنه لأنه رجل فقير قليل المال ) نجده يرى نفسه التي أراد أن تكون ولم يحالفه الحظ ، رجل يساعد الآخرين ولا يبخل على أحد ، رجل يرى الكائنات من حوله من طيور و أسماك وحيوانات ما هى إلا ضحية في دنيا الإنسان حتى وإن كانت هى خلقت من أجله فنجده يعتذر لسمكة المارلين ونجد الطيور من حوله تمنحه ويمنحها رسائل عظيمة ، الإنسانية التي عبر عنها سانتياجو ما هى إلا ما أراده الكاتب نفسه أن تكون عليه الحياة .
على الرغم من مهارات سانتياجو في الصيد إلا أن حظه قليل ماديا ،حاول سانتياجو من خلال سرد مغامراته في أفريقيا أن يوضح لمانولين أنه صاحب قيادة وبطولة منذ صغره .
إذا وقفنا على عنوان الرواية والعنوان عتبة أي نص نجده كاشف حينا ورمزي حينا ، فقد يكون كاشف لأنه بمعناه الحرفي شيخ عجوز يركب البحر عله يصل لهدفه و بجوهر ما يرمي إليه الكاتب هو رمز للصراع الباقي بين الإنسان وقوى الطبيعة فنجد العجوز رمز للاتسان بكل مراحل حياته يواجه حتى آخر يوم في عمره والبحر هو الهدف الذي وجب عليه اكتشافه وسبر أغواره من ناحية ومن ناحية هو رمز للطبيعة وما يواجه الإنسان في حياته.
نأتي إلى النص ذاته وكيف بدأ بطل الرواية أن يفكر كيف يغير من مصيره حتى لو آخر يوم بعمره وهذا مما رمى إليه الكاتب في بث الأمل وروح المغامرة حتى الوصول فلا عمر يعوق طالما القلب ينبض فنجد سانتياجو يقرر أن يركب قاربه ويعبر البحر بكل ما قد يواجه عله يغنم ويظفر بصيد يغير مجرى حياته وبالفعل وقف في وسط البحر يواجه أيام وليال قوى الطبيعة حتى تمكن من صيد سمكة المارلين الضخمة التي عانى حتى حصل عليها وهو بينه وبين نفسه يرى أن لها الحق أن تحيا بسلام في عمق بحرها لكنها الحياة ، يصطاد السمكة ثم يصارع أسماك القرش التي واجه ودافع وأصيب أكثر من مرة ليبقي عليها ولم يستطع فعاد إلى موطنه بهيكل ضخم لسمكة المارلين ، أستيقظ الصيادون على هذا المنظر المحزن وجاء مانولين يبحث عن سانتياجو فقد افتقده كثيرا وخاف عليه كثيرا فوجده في حالة شديدة المعاناة من الآلام التي تعرض لها حين مواجهة أسماك القرش .
هيمنجواي هنا عرض لنا رمزية رائعة البحر وسمكة المارلين وأسماك القرش ما هى إلا النزاع الدائم بين الإنسان والطبيعة ولمن البقاء و أرى أيضا أنها رمز القوي البشرية نظرا لأن هيمنجواي عاصر حروب عديدة فالمارلين هى رمز للدولة و أسماك القرش ما هى إلا حلف الدول التي تريد احتلالها ونزع أمانها فنجدها تنزف دفاعا لآخر لحظة حتى وإن قتلت فليست خاسرة لأنها لم تسلم أو تنسحب بل علمت الجميع درس قاسي …واجه ، دافع ، لكن لا تعش في الحياة متخاذلا…
يعتبر هيمنجواي صاحب نظرية الجبل الجليدي بالكتابة وهى نظرية منوطة بأن الحقائق تطفو على السطح رغم أن الرموز متشعبة تحت الجليد فمع كل حرف تذيب وتجلي حقائق و رموز ورؤى يرمي إليها الكاتب .
هو أيضا صاحب القصص القصيرة التي كتبها بجمل مكثفة مركزة قوية فجاءت رواياته متأثرة بذلك فنجد جمله قصيرة ،مركزة مكثفة تحمل حس جمالي خلاب يسكن نفس المتلقي .
الرجل العجوز والبحر تستحق بالفعل نوبل لا لشىء إلا لأنها عبرت عن معاناة الإنسان من جهة ومعاناة الكائنات من جهة أخرى فحين يعرف الكاتب أن يمد قلمه في قلب المعاناة وقتها تجد لقلمه معنى وهدف