حوادث وقضايا

قانون الرؤية.. حين يُحرم الأب من أبنائه

 

 

بقلم : عادل النمر 

 

في خضم النزاعات الأسرية التي تتبع الطلاق، يبقى الأبناء هم الخاسر الأكبر، خاصة حين يتحول قانون “الرؤية” إلى أداة للانتقام بدلًا من كونه وسيلة للحفاظ على صلة الرحم ومصلحة الطفل.

في واقعة مؤسفة أثارت جدلًا واسعًا، كتب أحد الآباء الشبان كلماته الأخيرة على صفحته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، قائلاً:

“مكنتش بطلب غير إني أشوف ولادي”.

وبعد ساعات، أنهى حياته في صمت، تاركًا خلفه أسئلة مؤلمة حول دور القانون في تأجيج معاناة الآباء غير الحاضنين، وحرمان الأطفال من آبائهم.

قوانين الأحوال الشخصية في صيغتها الحالية تُصنف – من وجهة نظر كثيرين – على أنها مجحفة للطرف غير الحاضن، وتساهم في حرمان الآباء من دورهم التربوي والإنساني. وبينما يتمتع الطرف الحاضن (غالبًا الأم) بحق الحضانة الكاملة، تُختزل حقوق الطرف الآخر في ساعات أسبوعية داخل مراكز الرؤية، مما يُشبه الزيارة داخل مؤسسة عقابية أكثر من كونه تواصلاً إنسانيًا.

إن حرمان الأب أو الأم غير الحاضنة من رؤية أبنائه ليس عقابًا لهم فقط، بل جريمة نفسية في حق الأطفال أنفسهم، الذين ينشأون محرومين من أحد والديهم، ويعانون من تمزق نفسي واجتماعي قد يستمر معهم لسنوات.

المطلوب ليس فقط تعديل القوانين، بل إعادة النظر في فلسفة التشريع ذاته. يجب أن تكون “مصلحة الطفل الفضلى” هي المعيار الأول، والتي لا تتحقق إلا بالحفاظ على علاقة متوازنة مع كلا الوالدين، ما لم يثبت ضرر واضح من أحدهما.

المجتمع بحاجة إلى قوانين أكثر عدلًا وإنصافًا، تراعي حقوق الجميع: الآباء، الأمهات، والأهم، الأطفال. كما أن الدولة مطالبة بأن توفّر آليات تنفيذ إنسانية وعادلة لقوانين الرؤية، بعيدًا عن مراكز الشرطة أو الجمعيات المزدحمة، وأن تنظر بعين الجدية إلى قضايا منع الرؤية المتعمد، باعتبارها شكلاً من أشكال الإيذاء النفسي.

إن العدالة لا تكتمل إلا حين تكون متوازنة.. ولا يمكن أن تُبنى أسرة سوية على أساس من القطيعة والعقاب المتبادل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى