كتب : جمال حشاد
تقع محمية وادي دجلة شرق مدينة القاهرة، وتحديدًا في منطقة زهراء المعادي، وهي واحدة من المحميات الطبيعية المهمة في مصر، حيث تجمع بين الطبيعة الجغرافية الفريدة والتاريخ الجيولوجي العريق.
نبذة عن محمية وادي دجلة:
الموقع: شرق القاهرة، وتمتد لمسافة حوالي 30 كم من الشرق إلى الغرب.
المساحة: حوالي 60 كم².
الطبيعة: تتكون من وادٍ جاف كان يجري فيه نهر قديم، ويتميز بصخور جيرية ترجع إلى العصر الأيوسيني (منذ حوالي 40 مليون سنة)
التكوين الجيولوجي: تكشف الصخور الموجودة عن طبقات رسوبية تحمل دلائل بيئية قديمة وتساعد العلماء على دراسة تطور الأرض في هذه المنطقة.
آثار ما قبل التاريخ في وادي دجلة:
1.حفريات بحرية:
الصخور الجيرية الموجودة في المحمية تحتوي على أحافير بحرية تعود إلى ما قبل ملايين السنين، حين كانت المنطقة مغطاة بمياه البحر.
تشمل هذه الأحافير بقايا كائنات بحرية مثل الأصداف، والقواقع، والشعاب المرجانية.
2. أدلة على النشاط البشري القديم: تم العثور في بعض المناطق داخل وادي دجلة على أدوات حجرية بدائية ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ، تشير إلى أن الإنسان القديم قد استخدم المنطقة كمسكن أو كممر خلال ترحاله.
هذه الأدوات تشمل رؤوس سهام حجرية، وأدوات تقطيع مصنوعة من الصوان.
التنوع البيولوجي:
النباتات: بالرغم من طبيعتها الصحراوية، إلا أن المحمية تضم عددًا من النباتات الصحراوية مثل الحنظل، والسواك، والأكاسيا.
الحيوانات: تعيش بها بعض الحيوانات البرية مثل الثعالب، والضباع المخططة، والزواحف والطيور الجارحة.
أهمية المحمية:
بيئية: توفر بيئة طبيعية مهمة لدراسة التغيرات الجيولوجية والتنوع الحيوي في البيئة الصحراوية.
تاريخية: تقدم أدلة على تطور الحياة البحرية والبشرية في عصور ما قبل التاريخ.
سياحية وتعليمية: تُعد وجهة مفضلة لمحبي الهايكنج، والتصوير، ودراسة الطبيعة.
كانت بعض مناطق وادي دجلة مغمورة بالمياه في العصور القديمة، مما يفسر وجود كميات ضخمة من الأحافير البحرية في قلب الصحراء!
رغم أن محمية وادي دجلة تُعرف أكثر بطبيعتها الجيولوجية والبيئية، فإنها تضم أيضًا آثارًا تاريخية مهمة تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وبعض فترات الحضارات القديمة، لكن بطابع خاص يختلف عن المواقع الأثرية الكبرى مثل الجيزة أو الأقصر. وفيما يلي
أبرز الآثار التاريخية في محمية وادي دجلة :
1. آثار ما قبل التاريخ (العصر الحجري القديم والوسيط):
تم العثور على أدوات حجرية بدائية تعود إلى الإنسان النياندرتالي أو الإنسان العاقل الأول (Homo sapiens).
الأدوات تشمل:
*رؤوس حراب وسهام من حجر الصوان.
*كاشطات استخدمها الإنسان في تقطيع اللحوم أو جلود الحيوانات.
تدل هذه الأدوات على أن وادي دجلة كان ممراً لعبور الإنسان القديم خلال الهجرة أو البحث عن الماء والطعام، وقد استخدم الكهوف والملاجئ الصخرية للإقامة المؤقتة.
2. مواقع استيطان بدائية:
في بعض الأودية الجانبية تم رصد مناطق تكدس للأحجار والأدوات، ما يشير إلى وجود مواقع استقرار مؤقتة أو معسكرات صيد..
لم يتم بناء مبانٍ حجرية ضخمة، ولكن وجود الأدوات في مواقع متعددة يدل على نشاط بشري واسع منذ آلاف السنين.
3. نقوش ورسومات محتملة:
توجد كهوف وشقوق صخرية في مناطق نائية داخل المحمية يُشتبه في احتوائها على نقوش أو علامات بدائية.
بعض البعثات العلمية تبحث في هذه المناطق عن رسومات صخرية أو كتابات قديمة، على غرار ما يوجد في مناطق مثل الجلف الكبير أو جبل العوينات.
4. طرق القوافل القديمة:
تشير بعض الأدلة إلى أن وادي دجلة كان يُستخدم كجزء من طرق القوافل التجارية أو الهجرة من وادي النيل باتجاه الصحراء الشرقية، خاصة أن الوادي يؤدي إلى مناطق جبلية وسهول مفتوحة.
كانت هذه الطرق مهمة خلال العصور الفرعونية والبطلمية والقبطية.
5. آثار بيئية جيولوجية:
رغم أنها ليست “أثرًا معماريًا”، فإن الطبقات الصخرية والأحافير في حد ذاتها تمثل سجلًا تاريخيًا طبيعياً لما مرّت به المنطقة من تغيّرات.
تضم المحمية صخورًا ترجع إلى العصر الأيوسيني وتُظهر تحوّلات في البيئة البحرية القديمة.
لماذا لا توجد آثار معمارية ضخمة؟
بسبب طبيعة المنطقة الصحراوية والجافة، لم تكن هناك حضارات مستقرة في وادي دجلة تبني معابد أو مقابر مثلما في المناطق النيلية. ومع ذلك، فإن الأدوات الحجرية والمواقع البدائية تُمثّل جزءًا أصيلًا من تاريخ الإنسان في مصر القديمة.
