بقلم/ انتصار عمار
الحياة دومًا هي واحة الملتقى، حيث
يلتقي تحت ظلالها الوارفة، كل اثنين، يُكمل أحدهما الآخر، قول، وفعل، صوت، وحركة، شمس، وقمر، سماء، وأرض، مد، وجزر، صيف، وشتاء، حرف، وعدد، وسؤال، وجواب.
والسؤال هنا؛ هل هناك سؤال بلا جواب؟ بلى، فلكل سؤال، جواب، لكننا قد نجهل الجواب أحيانًا لبعض الأسئلة، كمثل؛ هل للقاء صوت؟ هل للهوى صدى، وهل للفراق دوي؟
هل يلتقيان حبيبان بالآخرة، باعد بينهما القدر في الدنيا؟
وهل هناك موعدٌ، خُط في مكنون الغيب قدرًا، سيجمع كلا القلبين تارةً أخرى، لينعما ببرزخٍ دائم؟
ربما يقف العقل حائرًا، مشتتًا، خلف ستائر الزمن، ينتظر الإجابة، تعصف به خماسين التفكير، وتُودي به في لهيب صيف حارق، فيعود يحمل جسده المنهك من أثر السفر الطويل، ومن آثار حروق الشمس.
يرتجي من يطيب جراحه، ويشفي ندبات قلبه، ويفتش بين صفحات الزمن عن إجابة لتساؤلاته، لعل القدر يرق لحاله، ويجيب.
ولكن خلف أنفاس الصمت، شهيقٌ، وزفير، يروي قصة هوىً حبيس، يتوارى وراء لحظ العين، يذوب جوىً، ويختبيء بين الأسطر، ويسكن رعشة اليد حين تُصافح رسائل بريد الهوى.
و قلب يرتجف حين يُذكر اسم الحبيب، ونفس تتوق إلى أن تُكمل حياتها معه،
وتبدأ به ربيعًا، لا تنتهي أحداثه، لكن ربما يكون للأقدار رأيٌ آخر.
فلربما يباعد بينهما القدر، ويسلبه روحه، ويلقي به في غياهب دربٍ خالٍ من الحياة، على رصيفٍ غاب عنه الحس، وماتت على أرضه شمسه.
وهذا سؤال آخر يسافر وراء الطبيعة، ويجول عوالمها، ويفتش في حقائب الزمن، لعله يجد إجابة.
والسؤال هو؛ لم تهجر الشمس دارها وقت الغروب؟ وكأنها تُفسح المجال للقمر، كي يطل بهالته، ويضيء الكون ليلًا، وينير عتمته.
وكأنها رحلة خطها القدر على جبين كل من الشمس، والقمر، يكملانها سويًا، وكأنها نوبة حراسة للكون، فلكل منهما موعدٌ لا يتأخر عنه.
وهناك سؤال آخر يتأرجح بين أسطر الزمن، وهو؛ هل للقلم صوت حين يعبر عن أوجاعنا؟
ربما يري الكثير منا أن القلم جماد، لا يحس، ولا يشعر، مجرد أداة للكتابة، وسيلة للتعبير فقط، لكن للقلم صوتٌ يترجم مشاعرنا، يشبه همسات أنفاسنا، حينما نُسره مكنوناتنا.
حينما نسمح له باختراق عوالمنا الداخلية، حينما يسكن داخلنا، ونسكب همومنا على ورقته، وتتساقط عبراته على تلك الورقة البيضاء، كقطرات ندى يبلل خد الزهر.
ويعبر بنا فوق هضاب الوجع، وينقلنا لعالمٍ آخر، عالم نسجته يد الخيال، فكأنما القلم هو الرفيق، هو رحلتنا الطويلة مع الحياة.
وهكذا هي الحياة أرجوحة، تتمايل ما بين سؤال، وجواب، ولكل سؤال جواب، فالجواب هم اليم الذي يسبح فيه السؤال،
ويبيت بين شطآنه.
