بقلم: أحمد رشدي
علّمتني الطرقات
أن ما يلمع ليس وعدًا
وأن القلوب
قد تتقن الحضور
ثم تُحسن الغياب..
وجدتني وقد سرتُ طويلًا
وأنا أظنّ أن الحبّ جهة
فاكتشفت أنه امتحان
وأن بعض المشاعر
تُخلق لتعلّمنا النجاة
لا البقاء…
أعطيتُ قلبي حريته
كما يُعطى الضوء
بلا حساب
فعاد إليّ مثقلًا
بأسئلة لا تنام
ووجعٍ ..ولكنه أصبح
يتقن لغة الصمت…
كان الودّ واسعًا
وكان الأمل نورا
لكن الخيبة
تملك صبرًا أطول
وتعرف كيف تنتظر
حتى نطمئن
لم أبكِ يوماً ضعفًا
بل لأن القلب
حين يصدّق أكثر مما ينبغي
يحتاج أن يتطهّر
بالدمع…
تعلّمتُ أن بعض الصمت
أصدق من ألف اعتذار
وأن الانسحاب الهادئ
ليس هزيمة
بل شكلٌ آخر من الحكمة
لم أعد أركض خلف الشعور
ولا أستجدي القرب
صرتُ أزن الأشياء
بثقلها الحقيقي
وأقرأ النوايا
كما تُقرأ الخرائط القديمة
وإن أقبل الحبّ
فلن أفتح له الباب مسرعًا
سأدع الوقت
يفتحه إن شاء
فالصدق
لا يخشى الانتظار…
هكذا وصلت
إلى آخر الدرس
أن من يطارد السراب
يُرهق روحه
دون أن يبلغ الماء
وأن النجاة
ليست في الامتلاء
بل في ألا نفقد أنفسنا
أنا لستُ قاسيًا
لكنني
صرتُ واعيًا
ومن يخرج من الوهم حيًّا
لا يعود إليه
أسيرًا
