سمير المطيعي:
صاحبي العزيز صديق الطفولة البريئة
فاكر في الصيف اياه لما كنا بنلعب في الشارع لعبة عاوزك تفكرني بأسمها ….
كل واحد يمسك ظلطة ناعمة مبططة ويحدفها علي صف مرصوص من البلي الزجاجي ذو الالوان الجميلة واللي يصيبها ياخدها ،
فاكر لما حبيت تضحك علي وتاخد البلي وانا زعلت وضربتك بالطوبة فتحت دماغك ووفورا كل منا روح البيت وانت بتنزف دم من راسك وانا الرعب اصابني برعشة
وامك جات بعد نص الليل تشتكي لأمي وبالطبع امي قالت لأبويا … صدقني ياصاحبي عارفك انك مش فتان وفاكرك لما جيت تاني يوم وقلتلي يلا نلعب تاني وشرحت لي انه كان غصب عنك لما الدم كان نازل كتير من دماغك وامك غصبت عليك عشان تعرف ايه اللي حصل ياصاحبي …
انا اقولك ياصاحبي وانت تقولي هاتفضل صاحبي ولعبنا تاني وتالت
وببراءة الصغار نسينا موضوع جرح دماغك المربوطة بشاش عريض مغطي جبهتك كلها ، بعد ما اخدت 5 غرز في المستشفي وربطوها
آه قلت لكم ان ده كان حادث عارض ادي الي تغيير كبير في مسار حياتي …
البيت قرر اني ما العبش تاني والوالد جابلي في نفس الاسبوع شغلانة لفترة الصيف
وعجبتني الشغلانه وبقيت اشتغل كل صيف من اعدادي لثانوية عامة ، ولم اتوقف عن العمل الصيفي الا حينما التحقت بالكلية حيث اصبح الذهاب للكلية او الي التدريب العملي جزء لا يتجزء عن باقي المواد
كنت انا اصغر واحد في وسط عشرات العمال والموظفين،
الشغلانة في مطعم كبير – للأكل فقط – حيث المقاعد والموائد –
اعمل داخل احد الاقسام ، لا اتعامل مع الزبائن كان المرتب متواضع جداً انا مش بعمل فلوس – مش مهم انك تاخد فلوس – انت بتتعلم حاجة جديدة – كان الاسطي بتاعي غبي – ارد علي نفسي اصبر معلهش لازم هاتشوف وتتعلم ازاي تتعامل مع الاغبياء –
الشغلانة حلوة – تعمل ساندوتشات بكميات كبيرة جداً – ارقي زباين – اتعلم ياض – العمال هنا بتتكلم في السياسة – ومنهم الأمي اللي يجي يطلب مني اقرا له جواب –
وموظف عجوز تاني يطلب مني ساندوتشات وعشان اتوصي يقوللي لو عاوز حاجة في الانجليزي تعالي لي انت عارف مكاني تحت احدي المظلات في اطراف المحل – الراجل ده كان عجوز وكان أستاذ اِنجليزي محال عال معاش …
في وقت الراحة بتاعة العمال اجد نفسي آعد في وسطهم ،
اللي يتكلم علي الحرب لأنه كان قد اشترك في حرب اليمن وعبد الناصر والجواز والطلاق
الكل مبتسم سعيد اليوم ، النهارده ها نقبض…- عرفت معني فرحة يوم القبض بعد شهر انتظار خاصة لعامل بسيط صاحب اسرة واطفال
كان العمال يقفون صفاً وكل ياخد مرتبه بعد ان يوقع امام اسمه او يبصم
وبقيت اشتغل عندهم كل صيف زي ما قلتلكم…
عرفت ان معظمهم غلابة واغلبهم متجوز من صغره وعنده اطفال
اولادهم غالبا لم يستمروا في التعليم و المدارس ويبعتوهم يتعلموا صنعة – اي شغلانة المهم يصرف علي نفسه
هكذا قضيت معظم ايام الصيف.
