أحمد رشدي
عندما يُذكر اسم محمود إبراهيم الخطيب ينجلي أمامنا صورة البطل الرياضي الراسخ في ذاكرة الجماهير صورة اللاعب الذي جمع بين المهارة والإنسانية بلغة لا تُنسى في ميدان الكرة وخارجه وُلد الخطيب في 30 أكتوبر عام 1954 في قرية “قرقيرة” بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية وترعرع بين جدران الفلاح والبساطة وتحوّل إلى واحد من أعظم نجوم كرة القدم في مصر والقارة الأفريقية
نشأ في القاهرة بعد انتقال أسرته إليها لعمل والده في وزارة الأوقاف وهناك بدأ عشق الكرة في الشوارع قبل أن يُحترفها رسميًّا في نادي النصر بالقاهرة في سن مبكرة ليكتشفه الأهلي وينقله إلى صفوفه وهو في السادسة عشرة من عمره

لقد خاض الخطيب مسيرة مبهرة مع الأهلي امتدت نحو ستة عشر موسما متصلة من بداياته عام 1972 إلى اعتزاله في أواخر عقد الثمانينيات وخلال تلك السنوات حقّق مع القلعة الحمراء عشرة ألقاب للدوري المصري وخمس كؤوس مصرية وعلى الصعيد القاري رفع الخطيب الأهلي إلى قمم البطولات الأفريقية بفوزه بكأس الأندية أبطال الدوري عامي 1982 و1987 وكأس الكؤوس الأفريقية أعوام 1984 و1985 و1986
ولم يكن الخطيب مجرد لاعب يسجّل الأهداف فحسب بل كان أيقونة أخلاقية ففي مشواره الطويل مع الأهلي ظل يُعرف بأنه “اللاعب النظيف” فلم ينل البطاقة الصفراء إلا مرتين فقط طوال مسيرته الكروية
أما الإحصائيات فهي شاهدة على عظمة الأداء فخلال مشاركاته في الدوري المصري الممتاز سجل الخطيب 108 أهداف في 199 مباراة تقريبًا كما يُعد هداف الأهلي في البطولات الأفريقية بـ 37 هدفًا في 49 مباراة وهو رقم صعب تجاوزه
ومع منتخب مصر كان الخطيب نجمًا لامعًا بدأ اللعب دوليًا منذ أواسط السبعينيات فشارك في الألعاب الأولمبية عامي 1980 و1984 وكان من القلائل الذين سجّلوا وأبدعوا على تلك المنصات وفي 1986 حقّق مع الفراعنة لقب أمم أفريقيا في مصر في حين ودّع مسيرته الدولية في نهائي تلك البطولة
وقد منح الخطيب التقدير والجوائز الفردية الرفيعة ففي عام 1983 اختير أفضل لاعب في أفريقيا من مجلة فرانس فوتبول ليكون أول مصري يتلقّى هذا اللقب كما توّج هداف الدوري المصري مرتين موسم 1977-1978 وموسم 1980-1981
وعندما أنهى مسيرته الكروية بقي قلبه متعلّقًا بالأهلي فغاص في العمل الإداري بداية بعضوية مجلس الإدارة ثم أمينًا للصندوق ونائبًا للرئيس وأخيرًا انتخب رئيسًا للنادي الأهلي في ديسمبر 2017 ليدير بالقلم والعزيمة كما كان يدير بالمهارات داخل المستطيل الأخضر
إن قصة محمود الخطيب هي قصة أسطورة متكاملة تجمع بين الأداء الرياضي والروح الرياضية والالتزام الأخلاقي والتفاني في خدمة النادي والوطن وليست مجرد ذكرى بل إرث يُحتذى به في أجيال الكرة القادمة
