نجده محمد رضا
في قلب جزر فارو التابعة لمملكة الدنمارك تختبئ قرية صغيرة تُدعى ساكسون تبدو وكأنها لوحة فنية خرجت من الأساطير الإسكندنافية القديمة.
تقع القرية في الساحل الشمالي الغربي لجزيرة أكبر جزر الأرخبيل، وتُعد من أكثر الأماكن سحرًا وهدوءًا في شمال أوروبا.
تُطل ساكسون على خليج طبيعي ضيق تحوّل عبر الزمن إلى بحيرة هادئة تحيط بها الجبال الخضراءوالمروج المكسوة بالعشب الكثيف هذه الطبيعة الخلابة إلى جانب طابعها الريفي البسيط، جعلت القرية وجهة مفضّلة لعشّاق التصوير والسياحة البيئية.
البيوت في ساكسون صغيرة ومبنية على الطراز الفاروئي التقليدي، بأسقف مغطاة بالعشب لحمايتها من الرياح القوية والأمطار الغزيرة التي تميّز مناخ المنطقة.
ويبلغ عدد سكان القرية نحو 15 شخصًا فقط، ما يمنحها طابعًا من العزلة والسكينة النادرة في عالم اليوم.
تُعرف القرية أيضًا بكنيستها القديمة التي بُنيت عام 1858، وتقع عند مصبّ الخليج الصغير، في مشهد يوحي بالخشوع والجمال في آنٍ واحد.
وتُعد الكنيسة من أبرز معالم القرية، حيث يقصدها الزوار للتأمل والتقاط الصور، خاصة عند انحسار المدّ الذي يكشف عن الرمال السوداء والممرات الطبيعية نحو البحر.
أما من الناحية البيئية، فتُعتبر ساكسون نموذجًا للتعايش بين الإنسان والطبيعة إذ يعتمد سكانها على تربية الأغنام وصيد الأسماك، وتُحظر فيها الأنشطة الصناعية للحفاظ على نقاء المكان.
كما تُعد جزءًا من شبكة السياحة المستدامة التي ترعاها حكومة جزر فارو بهدف حماية البيئة الفريدة للمنطقة.
قرية تلفها الأساطير والغموض
تحيط بـ ساكسون العديد من الأساطير الفاروئية القديمة التي تُروى جيلًا بعد جيل.
يقال إن أرواح البحر القديمة ما زالت تهمس على الشاطئ مع صوت الرياح، وإن الجبال المحيطة بالقرية مأهولة بكائنات خرافية تُعرف باسم “الناس الخفيين” الذين يعتقد السكان أنهم يراقبون المكان ويحرسونه من الغرباء.
تلك المعتقدات المتوارثة لا تُعد خرافات بالنسبة لأهل جزر فارو، بل جزء من هويتهم الروحية وتاريخهم الشعبي العميق، الذي يجمع بين الدين المسيحي القديم والميثولوجيا الإسكندنافية.
لذا حين تغيب الشمس عن قرية ساكسون، وتغمر الضبابات الخفيفة المروج الخضراء، يشعر الزائر كأنه يعيش داخل حكاية أسطورية لا تنتهي.
