دارين محمود
كشفت مصر مؤخرًا عن الحجم الهائل للخسائر التي تكبدتها قناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، جراء الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على السفن التجارية في البحر الأحمر. هذا الإعلان يسلط الضوء على التداعيات الاقتصادية الباهظة للأزمة الجيوسياسية على أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في البلاد.
أكثر من 9 مليارات دولار خسائر
أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أن بلاده تكبدت خسائر تزيد على 9 مليارات دولار من عائدات قناة السويس منذ بدء هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر. هذا الرقم يعكس مدى تأثر الحركة الملاحية بتصاعد التوترات في المنطقة.
جاءت تصريحات الوزير المصري خلال زيارة رسمية للهند، حيث أشار إلى أن مصر “تدفع ثمناً باهظاً” نتيجة هذا التصعيد. وتُعد قناة السويس شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، حيث يمر بها نحو 12% من حركة التجارة البحرية الدولية.
تراجع حاد في الإيرادات وحركة الملاحة
تسببت الهجمات في تحويل مسار عدد كبير من شركات الشحن العالمية إلى طريق “رأس الرجاء الصالح” الأكثر أمانًا، على الرغم من أنه طريق أطول وأكثر تكلفة. وقد أدى هذا التحويل إلى:
* انخفاض الإيرادات بشكل كبير: تشير تقارير سابقة إلى أن عائدات القناة تراجعت بنسب كبيرة، حيث ذكرت هيئة قناة السويس في وقت سابق أن إجمالي إيرادات العام المالي 2023/2024 انخفضت إلى 7.2 مليار دولار مقارنة بـ 9.4 مليار دولار في العام المالي السابق (2022/2023)، أي بخسارة تجاوزت ملياري دولار في تلك الفترة، قبل أن تُعلن الحكومة عن التقديرات النهائية للخسائر التراكمية التي فاقت الـ 9 مليارات دولار.
* تراجع عدد السفن والحمولات: انخفض عدد السفن التي تعبر القناة بشكل ملحوظ، مما أثر مباشرة على دخل مصر من العملات الأجنبية.
أهمية قناة السويس للاقتصاد المصري
تمثل إيرادات قناة السويس ما يقرب من 2% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، كما أنها واحدة من أهم ثلاثة موارد للدخل من العملات الأجنبية التي تحتاجها البلاد بشدة، إلى جانب السياحة وتحويلات المصريين العاملين بالخارج. لذا، فإن هذا التراجع يضاعف من الضغوط على الاقتصاد المصري الذي يواجه تحديات مالية متعددة.
ودعت مصر، على لسان وزير خارجيتها، إلى ضرورة حل الأزمة اليمنية وفقاً للمرجعيات الدولية، وصون حرية الملاحة والحفاظ على أمن البحر الأحمر كشرط أساسي لعودة الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
إن الخسائر المعلنة هي مؤشر واضح على أن التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر لا تقتصر آثارها على الملاحة الدولية فحسب، بل تمتد لتلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصادات الإقليمية، وفي مقدمتها الاقتصاد المصري.
