د.نادي شلقامي
في إنجاز علمي مذهل يفتح آفاقاً جديدة في مجال الطقس الفضائي، تمكن علماء صينيون من رصد ظاهرة غير مسبوقة: فقاعات بلازمية غريبة تطفو في الغلاف الأيوني فوق أهرامات الجيزة في مصر. هذا الرصد، الذي تم من محطة رادار تبعد حوالي 5,000 ميل في جزيرة هاينان، لا يثير دهشة الباحثين فحسب، بل يمثل أيضاً قفزة نوعية نحو تعزيز القدرة العالمية على مراقبة وحماية الأقمار الصناعية وأنظمة الاتصالات الحيوية.
وفقا للعلماء، تعد فقاعات البلازما تجاويف واسعة في الغلاف الأيوني فقيرة بالإلكترونات، تتشكل غالبا بعد غروب الشمس وتتبع خطوط المجال المغناطيسي للأرض، وتمتد لمئات الكيلومترات، وعلى الرغم من كونها غير مرئية للعين المجردة، فإن لها تأثيرات ملموسة، مثل تشويش إشارات GPS، والتلفزيون الفضائي، وحتى تأثيرات دقيقة على أنظمة التسجيل المالي.
وتصف وكالة ناسا هذه الظواهر بأنها “نقاط ساخنة لتلف إشارات الاتصال والملاحة”، نظرا لطبيعتها غير المتوقعة وصعوبة التنبؤ بها، خصوصا فوق المناطق الاستوائية النائية التي تندر فيها أجهزة المراقبة الأرضية.
الاكتشاف تم بواسطة رادار الغلاف الأيوني بعيد المدى عند خطوط العرض المنخفضة المعروف اختصارا باسم LARID، وهو نظام متطور يستخدم تكنولوجيا المصفوفة المرحلية لإرسال نبضات عالية التردد ترتد عن الغلاف الأيوني، مما يسمح له بالكشف عن الاضطرابات على مسافات تصل إلى 6,000 ميل. خلال عاصفة مغناطيسية في نوفمبر 2024، تمكن الرادار من تتبع تكوّن فقاعات البلازما فوق الجيزة باستخدام 40 هوائيا سريع التوجيه، بينما أكدت مستقبلات GPS في أفريقيا وجود الاضطراب عبر رصد تقلبات في محتوى الإلكترونات، وفقا لموقع leravi.
وتؤكد الدراسات أن لهذه الظواهر تأثيرات واقعية على الأرض، إذ يمكن أن تصبح إشارات GPS غير موثوقة أثناء تكون هذه الفقاعات، ما يؤثر على الطيران والشحن والأنظمة المالية، حيث إن أدنى انحراف في التوقيت قد يؤدي إلى أخطاء في المعاملات المالية أو مسارات الطائرات.
ويقول أحد العلماء المشاركين: “الطقس الفضائي ليس مجرد ظاهرة بعيدة، بل يؤثر مباشرة على التكنولوجيا التي نعتمد عليها يوميا، من تطبيقات الملاحة إلى بورصات الأسهم”.
ويشير الخبراء إلى أن رصد هذه الظواهر عن بعد يوفر طبقة حماية إضافية للبنية التحتية التقنية، ويفتح الباب لتطوير نظام عالمي للإنذار المبكر من تقلبات الطقس الفضائي. كما أن مراقبة فقاعات البلازما أثناء تحركها عبر القارات والمحيطات تساعد في تحسين التنبؤات وتقليل الانقطاعات.
مع استمرار الدراسات، يهدف العلماء إلى تحسين توقعات تكوّن الفقاعات وتوسيع شبكات المراقبة عالميا، ما قد يتيح للصناعات التكيف مع أي اضطراب فور حدوثه. وبينما تبقى هذه الظواهر غير مرئية للعين البشرية، فإن اكتشافها يعزز فهمنا لنظام الأرض الديناميكي والمترابط، ويؤكد أهمية التكنولوجيا الفضائية في حياتنا اليومية.
