كتب م / رمضان بهيج
الجهل الحقيقي: ليس نقصًا في العلم، بل غيابًا في التصرف والحكمة
لطالما ارتبط مفهوم “الجهل” في أذهاننا بنقص المعرفة أو قلة الاطلاع على الكتب. فنطلق صفة “جاهل” على من لم يُتم تعليمه أو لم يحظَ بفرصة لتلقي العلوم. لكن، بالنظر بعمق إلى جوهر الحياة والتفاعلات البشرية، نجد أن الحكمة الأصيلة تكمن في فهم آخر للجهل: إن الجاهل ليس جاهل تعليم، إنما الجاهل جهل التصرف والحكمة.
الفصل بين المعلومة والسلوك
إن الحصول على شهادات عليا أو قراءة الآلاف من الكتب يمنح الفرد المعلومة، وهي بلا شك أداة قوية. لكن العالم مليء بأشخاص يحملون أعلى الدرجات العلمية ولكنهم يفتقرون إلى أبسط مقومات اللباقة وحسن التصرف في الأزمات، أو يتخذون قرارات تدمر حياتهم وحياة من حولهم بسبب غياب التبصر والحكمة.
العلاقة بين العلم والحكمة :
لم يَحظَ أجدادنا بالقَدْر الذي نَحظَى به من العلم اليوم، ورغم ذلك، كان لديهم من الحكمة ما يفوق حكمةَ علمائنا في هذا العصر؛ أجدادنا لم يمتلكوا وفرة المعرفة العلمية التي نتمتع بها اليوم، إلا أنهم كانوا يتميزون بعمق في الحكمة و امتلاك بصيرة تتجاوز ما لدى الكثير من أهل العلم في وقتنا الحاضر.
التعليم يزودنا بالحقائق والقوانين، لكنه قد يفشل في تزويدنا بالبوصلة الأخلاقية والاجتماعية التي توجهنا خلال متاهات الحياة المعقدة. هذه البوصلة هي ما نسميه الحكمة.
التصرف: مرآة الحكمة الظاهرة
سوء التصرف هو التجلي العملي والظاهر للجهل الحقيقي. إنه يتجسد في:
الاندفاع الأعمى: اتخاذ قرارات دون تروٍّ أو دراسة للعواقب.
التعصب والجمود: رفض الاستماع للرأي الآخر أو التعامل مع المواقف بمرونة.
الإساءة للآخرين: القول أو الفعل الذي يجرح المشاعر، حتى لو كان القائل يمتلك لغة غنية أو فصاحة في التعبير.
الفشل في إدارة الذات: عدم القدرة على كبت الغضب، أو الوقوع في فخ الأوهام والأنانية.
هذا الشخص قد يكون حافظًا للتاريخ والرياضيات، ولكنه يجهل كيف يصنع تاريخًا شخصيًا لائقًا أو كيف يُحسن إدارة معادلاته الحياتية. هو يملك العلم لكنه يفتقر إلى الوعي الذاتي والاجتماعي ؛ وعدم الرجوع إلى أهل الخبرة والحكمة .
الحكمة: رأس مال الإنسان
الحكمة هي القدرة على تطبيق المعرفة بشكل صحيح وأخلاقي ضمن سياق معين. إنها تتطلب مزيجًا من:
الخبرة: التعلم من الأخطاء والتجارب الماضية.
البصيرة: رؤية ما وراء الظاهر وفهم الدوافع الخفية.
الرحمة والتفهم: وضع النفس مكان الآخرين لمعرفة أفضل طريقة للتعامل.
الشخص الحكيم هو من يختار الصمت في لحظة الغضب، والتواضع بعد النجاح، والإقدام المحسوب عند الحاجة. هذه اختيارات ليست نتيجة حفظ معلومة، بل هي ثمرة جهد مستمر لتهذيب النفس وصقل العقل .
إذن، دعونا نُعيد تعريف مفهوم الجاهل في حياتنا. ليس الجاهل هو من لا يقرأ أو لا يكتب، بل الجاهل هو من يملك الأدوات العقلية ولكنه يسيء استخدامها في التعامل مع نفسه والآخرين والحياة ؛ ولا يستمع لحكمة الأباء والأجداد .
لنتذكر دائمًا أن السعي نحو العلم واجب، لكن السعي نحو الحكمة وحسن التصرف هو الركن الأساسي لبناء شخصية سوية ومجتمع فاعل. فالعالم لا يحتاج فقط إلى عقول لامعة، بل يحتاج أكثر إلى قلوب رشيدة تتخذ قرارات حكيمة وتتصرف بلباقة ومسؤولية.
الجاهل ليس جاهل تعليم إنما الجاهل جهل التصرف والحكمة ؛ ولا يستمع لحكمة الأباء والأجداد .
لنتذكر دائمًا أن السعي نحو العلم واجب، لكن السعي نحو الحكمة وحسن التصرف هو الركن الأساسي لبناء شخصية سوية ومجتمع فاعل. فالعالم لا يحتاج فقط إلى عقول لامعة، بل يحتاج أكثر إلى قلوب رشيدة تتخذ قرارات حكيمة وتتصرف بلباقة ومسؤولية.
الجاهل ليس جاهل تعليم إنما الجاهل جهل التصرف والحكمة التصرف هو الركن الأساسي لبناء شخصية سوية ومجتمع فاعل. فالعالم لا يحتاج فقط إلى عقول لامعة، بل يحتاج أكثر إلى قلوب رشيدة تتخذ قرارات حكيمة وتتصرف بلباقة ومسؤولية.
الجاهل ليس جاهل تعليم إنما الجاهل جهل التصرف والحكمة
