بقلم: صلاح الدين عثمان
انتهتِ الطَّريقُ إلى القرية.
جئتُ أبحثُ عن بقيَّةِ وُدٍّ مع بني عمِّي.
أدركتُ مكانًا للعزاء.
قرَّب أحدُ الناسِ الكرسيَّ منِّي.
أخبرني عن المتوفَّاة، يا للهول!
إذا بها بنتُ عمِّي.
تفحَّصتُ الجلوسَ لأعثرَ على أحدٍ منهم للعزاء.
فبادرني كبيرُ القوم قائلاً:
• نَهْنِه دُموعَكَ، لقد توارى أقاربُك حين وصول ركبك، إنهم يعلمون مقدمك للبلاد، ولم يتوقَّعوا حضورك.
• إنِّي في غايةِ الأسفِ لما بدر منهم.
• لقد انتهتِ العلاقةُ.
• هذا خلافًا لما كان يُعتقَد.
• إنَّها بادِرةُ غضبٍ.
• في غايةِ السهولة هكذا!
• إنِّي مستاءٌ من تصرُّفِهم.
نهضتُ واقفًا وقلتُ في نفسي:
إنَّ المتحدِّثَ صادقٌ في قوله.
لم يتحرَّج من إعلانِ رأيه أمام الجميع.
إذن علينا أحيانًا أن نتحرَّس من عواطفنا الشَّخصيَّة.
وأنا الذي كانت تجذبني أمنياتي البعيدة نحو اللاَّنهاية.
ثم فطنتُ إلى مهمَّتي التي تمَّ انتدابي لها،
إنَّني أحدُ الموكول إليهم البحثُ في تقريبِ وجهاتِ النظر بين أطرافِ النزاعِ المسلَّح.
ولكن ما حدث أمامي من الأقارب أوضح لي بجلاءٍ صعوبةَ المهام.
فاستوحيتُ ما قطع الأملَ منِّي.
إذن هي: نقطةٌ لا يُمكن التحرُّك أو التقدُّم بعدها.
فلا تكون هناك اهتماماتٌ أو اتِّفاقاتٌ أو اتِّصالاتٌ أخرى.
فأرسلتُ إلى رئيسِ الوفد ما يُفيد في كلمةٍ نهائيَّة:
“لقد استيأستُ من نجاحِ الخُطَّة”.
لأنَّهما يسيران في لا نهائيَّةٍ مُطلقة…
حيثُ الظِّلالُ تتكاثرُ، والوجوهُ تتوارى،
كأنَّها مدينةٌ تُمحى من داخلها، فلا يبقى سوى خطواتٍ متردِّدة في طرقٍ مظلمة،
وجموعٌ تتفرَّقُ بلا وجهة،
وأعينٌ تترقَّبُ شيئًا لا يُرى…
شيئًا يتربَّصُ في المجهول.
الإسكندرية 23 ديسمبر 2025م
بلا نهاية
220
