الفن

للحب قصة أخيرة بين كامل الشناوي ونجاة الصغيرة

 

 

كتب : عادل النمر

 

في عالم الفن والأدب، كثيرًا ما نجد قصص حب خلدها التاريخ، لكن من أقسى هذه القصص تلك التي لا يعرف فيها الحب طريقه إلا إلى قلب واحد. من بين هذه القصص، تبقى حكاية الشاعر والصحفي الكبير كامل الشناوي والمطربة الرقيقة نجاة الصغيرة واحدة من أكثر القصص المؤلمة والإنسانية في آنٍ واحد، قصة تتأرجح بين الصمت والعذاب، وبين الكبرياء والانكسار.

بدأت العلاقة بين كامل ونجاة بما يشبه الأسطورة. لم يكن كامل وسيماً، لكنه امتلك قلبًا نقيًا وعقلًا شاعرًا، بينما كانت نجاة أيقونة الجمال والرقة. كتب لها ذات يوم: “إنني لا أجري خلفك، صدقيني، ولكنني أجري وراء دموعي”. كان يعرف أنها لا تبادله الحب، ومع ذلك، ظل وفيًا لعاطفته حتى آخر لحظة في حياته.

في أحد الأحاديث، عبّر عن ألمه قائلاً: “إنها تحتل قلبي، تتصرف فيه كما لو كان بيتها، تكنسه وتمسحه وتعيد ترتيب أثاثه، وتستقبل فيه كل الناس.. إلا شخصًا واحدًا، صاحب البيت.”

في عيد ميلادها، قام هو شخصيًا بتجهيز المكان، اشترى الهدايا وعلّق البالونات، لكنه حين رأى نجاة تختار الكاتب يوسف إدريس ليمسك يدها أثناء تقطيع قالب الحلوى، شعر كأن السكين لم يقطع الحلوى، بل اخترق قلبه. كتب بعدها قائلاً: “إنها كالدنيا، تتجدد بالناس ولا تكتفي أبدًا.”

وفي لحظة أخرى، حين لمحها صدفة مع يوسف إدريس داخل سيارته، كتب قصيدته الشهيرة “لا تكذبي”، واتصل بها ليقرأها عبر الهاتف. ردت عليه ببساطة: “الله! حلوة قوي.. هغنيها”، وكأن الكلمات لم تكن موجهة إليها، وكأنها لم تعرف حجم الألم الذي تحمله بين السطور.

لم يكن يملك كامل سوى كلماته، فوجهها أحيانًا إلى غريمه، وكتب ليوسف إدريس قصيدة “حبيبها لست وحدك حبيبها”، التي غناها لاحقًا عبد الحليم حافظ، لتصبح واحدة من أشهر الأغنيات في تاريخ الطرب العربي.

ظل كامل يعيش على أطراف الحلم، يكتب ويشرب ويدخن ويسهر ويحب في صمت، حتى قال في أيامه الأخيرة: “لم تعد الحياة كما كانت، ولم أعد أنا.. أنا.”، ورحل في نوفمبر 1965 عن عمر يناهز 56 عامًا، تاركًا خلفه وجعًا لم يندمل، وكلماتٍ تخلد وجع الحب من طرف واحد.

ورغم كل ذلك، لم تكن نجاة قاسية، ولم يكن كامل يستحق هذا العذاب، لكن هكذا هو الحب، لا يُختار.. فقط يحدث، ويترك آثاره للأبد.

قصة كامل الشناوي ونجاة الصغيرة ليست خيانة كما يظن البعض، بل مأساة حب أحادي الجانب، تمامًا كما كان الحال بين أحمد رامي وأم كلثوم. كلاهما أحب بصدق، وعبر عن معاناته بالكلمات، ليترك لنا أدبًا وشعرًا ينبض بصدق المشاعر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى