ملفات و تحقيقات

ابن خلدون… مؤسس علم الاجتماع وبصمة خالدة في الحضارةالإسلامية

نجده محمد رضا 

في عالم الفكر الإسلامي، يبرز اسم عبد الرحمن بن محمد بن خلدون كواحد من أعظم المفكرين الذين أنجبتهم الحضارة الإسلامية، بل والعالم بأسره.

 وُلد ابن خلدون في تونس عام 1332م (732هـ)، ونشأ في بيئة علمية أندلسية الأصل، مما أسهم في تشكيل شخصيته الفكرية والسياسية منذ صغره وقضى بها طفولته قبل أن يبدأ تنقله بين المُدن في المغرب العربي وبلاد الأندلس واعتكف وهو بالمغرب للدراسة

الريادة في علم الاجتماع

يُعتبر ابن خلدون المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع، من خلال كتابه الأشهر “المقدمة”، التي كتبها كمقدمة لكتابه التاريخي الضخم “كتاب العبر”. لكن المقدمة سرعان ما أصبحت كتابًا مستقلاً بذاته، لما تحمله من أفكار سبقت عصرها في فهم طبيعة المجتمعات، ونشوء الدول، وعوامل صعودها وسقوطها.

منهج فريد وتحليل دقيق

تميّز ابن خلدون بمنهج تحليلي جديد، حيث رفض الاقتصار على الروايات التاريخية المجردة، وسعى لفهم “العمران البشري” بوصفه ظاهرة قابلة للدراسة والتحليل. تناول في مقدمته قضايا مثل العصبية القبلية، والاقتصاد، والتعليم، والدين، وحتى أثر المناخ على سلوك الإنسان، وهو ما جعل من كتابه مرجعًا عالميًا.

حياة سياسية حافلة

لم يكن ابن خلدون عالمًا فقط، بل كان أيضًا رجل دولة، تولّى مناصب إدارية وقضائية في المغرب والأندلس، ثم انتقل إلى القاهرة، حيث عُيِّن قاضيًا للقضاة على المذهب المالكي. وكانت له علاقة مميزة مع السلطان المملوكي الظاهر برقوق.

ابن خلدون في عيون العالم

نال ابن خلدون تقديرًا عالميًا متأخرًا، إذ اعتبره العديد من المفكرين الأوروبيين من روّاد علم الاجتماع قبل أوغست كونت.

 كما أدرجته منظمة اليونسكو ضمن قائمة أعظم المفكرين في التاريخ، ولا تزال أفكاره تُدرّس حتى اليوم في أرقى الجامعات حول العالم.

رحل ابن خلدون عام 1406م (808هـ) في القاهرة، لكنه ترك إرثًا فكريًا لا يزال يُلهِم الباحثين والمفكرين في مختلف العلوم الإنسانية. فكان بحق رجلًا سابقًا لعصره وفكرًا يسبق الزمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى