تعديلات مرتقبة لقانون التعليم : تعاون وزاري لدعم التعليم وربطه بسوق العمل

كتب / عادل النمر
في خطوة تعكس توجه الدولة نحو تطوير شامل ومستدام لمنظومة التعليم في مصر، عقد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، اجتماعًا موسعًا مع الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بحضور أعضاء المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار، وذلك بمقر وزارة الصحة بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمناقشة التعديلات المقترحة على قانون التعليم بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة ورؤية “مصر 2030”.
وخلال الاجتماع، أكد الدكتور خالد عبد الغفار أهمية التعليم باعتباره حجر الزاوية في عملية التنمية البشرية، مشددًا على أن بناء جيل واعٍ وقادر على مواجهة تحديات العصر يبدأ من إصلاح منظومة التعليم، لاسيما في مرحلتي التعليم قبل الجامعي والتعليم الفني. وأضاف أن الدولة تسعى إلى تعديل قانون التعليم بشكل عاجل، تمهيدًا لعرضه على مجلس النواب، لضمان تحسين جودة العملية التعليمية وملاءمتها لمتغيرات العصر وسوق العمل.
وأشار الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، إلى أن الاجتماع ناقش قضايا محورية، على رأسها التسرب من التعليم، وضرورة معالجته كأحد أخطر التحديات التنموية والاجتماعية. كما تم التركيز على أهمية تطوير التعليم الفني والمدارس التطبيقية، بما يسهم في إعداد خريجين مؤهلين قادرين على المنافسة في السوقين المحلي والدولي.
وتناول الاجتماع أهمية تفعيل درجات أعمال السنة كأداة لتقييم الطلاب على مدار العام، وتشجيعهم على الحضور والمشاركة الفعلية في المدرسة. كما ناقش الحضور إدراج مادة لريادة الأعمال في المناهج الدراسية، بهدف تنمية مهارات الطلاب وتشجيعهم على التفكير الإبداعي والعمل الحر، بما يفتح أمامهم آفاقًا جديدة في خلق فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة. وشمل النقاش كذلك أهمية تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم، لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية.
من جانبه، استعرض الدكتور محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، جهود الوزارة في تطوير مختلف جوانب المنظومة التعليمية، مشيرًا إلى فلسفة مقترح “شهادة البكالوريا المصرية”، التي ترتكز على تنمية المهارات النقدية والتفكير الإبداعي، بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين. ويهدف هذا المقترح إلى تقديم نظام تعليمي مرن متعدد التخصصات، يمنح الطلاب فرص تقييم متنوعة عبر جلسات امتحان متعددة، مما يخفف من وطأة الاختبار الواحد في تحديد مستقبل الطالب.
وأوضح الوزير أن الوزارة أجرت حوارات مجتمعية موسعة حول هذا المقترح، إلى جانب استطلاع رأي لأولياء الأمور، بهدف ضمان شمولية الرؤية ومراعاة مختلف وجهات النظر في عملية التطوير. وأكد أن شهادة البكالوريا المصرية تتوافق مع أنظمة تعليمية عالمية مثل الـIP والـIG، وتقدم بديلاً نوعيًا لنظام الثانوية العامة التقليدي.
كما أشار إلى أن تطوير التعليم الفني يمثل أولوية كبرى لدى الوزارة، موضحًا أن عدد مدارس التكنولوجيا التطبيقية وصل حاليًا إلى 90 مدرسة في تخصصات متنوعة. وتسعى الوزارة إلى التوسع في هذه التجربة الناجحة بالشراكة مع القطاع الخاص والمؤسسات الدولية، بهدف إعداد خريجين يمتلكون المهارات التي يتطلبها سوق العمل محليًا ودوليًا.
شارك في الاجتماع عدد من الشخصيات الأكاديمية والقانونية البارزة، من بينهم الدكتور أيمن بهاء الدين، نائب وزير التربية والتعليم، والدكتور أحمد المحمدي، مساعد الوزير للتخطيط الاستراتيجي، والدكتور أشرف منصور، مؤسس الجامعة الألمانية في مصر، والدكتور شريف كامل، عميد كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية، إلى جانب نخبة من ممثلي الجامعات والمؤسسات التعليمية والشركات المهتمة بتطوير التعليم وريادة الأعمال.
كما حضر الاجتماع عبر تقنية الفيديو كونفرانس كل من الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق، والدكتور محمد فهمي، رئيس شركة Sequence Venture للاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وعدد من الشخصيات الفاعلة في مجالات الابتكار والتعليم الفني.
يأتي هذا اللقاء في إطار حرص الدولة المصرية على إحداث نقلة نوعية في قطاع التعليم، عبر تطوير تشريعي ومؤسسي يلبّي طموحات الأجيال القادمة، ويرسّخ مبدأ الربط بين التعليم والتنمية الشاملة.