الشيخ كامل نوار: صوت الإيمان والخشوع الذي لا ينسى

كتب السيد عيد
وُلد الشيخ محمد محمد عيد، المعروف باسم الشيخ كامل نوار، في 21 أبريل 1928 بقرية الحجايزة، مركز السنبلاوين، محافظة الدقهلية. حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة، وكان نظره سليمًا حتى أصيب بمرض في عينيه، وأدى العلاج الشعبي الخاطئ إلى تفاقم حالته. على الرغم من العلاج الطبي، تدهورت حالته البصرية، مما أدى في النهاية إلى فقدانه البصر.
بعد فقدانه البصر، أنشأ الشيخ كامل نوار كُتّابًا في قريته لتحفيظ الأطفال القرآن الكريم وتعليمهم أحكام التلاوة والتجويد. برز من بين تلاميذه العديد ممن شغلوا مناصب مرموقة في المجتمع. انتقل إلى الجيزة عام 1963، حيث لاقى ترحيبًا واسعًا وأعجب الناس بصوته العذب. في عام 1972، اعتمد مبتهلًا دينيًا في الإذاعة المصرية، وشارك بانتظام في إذاعة شعائر صلاة الفجر والبرنامج الجماهيري “الأمسية الدينية”. كما اعتمد قارئًا للقرآن الكريم في الإذاعة عام 1978.
عانى الشيخ كامل نوار من تفاقم حالته الصحية بسبب مرض عينيه، مما استدعى استئصالهما عام 1975 لتخفيف الألم. توفي في 11 يناير 1984 عن عمر ناهز 56 عامًا، تاركًا إرثًا غنيًا من التسجيلات القرآنية والابتهالات الدينية التي لا تزال تذاع حتى اليوم.
من أشهر ابتهالاته “يا رب جئتك مخلص الدعوات”، الذي يُظهر صدق توجهه إلى الله وجمال صوته.
يُعتبر الشيخ كامل نوار من أبرز المبتهلين في تاريخ الإذاعة المصرية، حيث أثرى الساحة الدينية بصوته العذب وأدائه المميز، وما زالت أعماله تُخلد ذكراه وتُحيي سيرته العطرة.
إرث الشيخ كامل نوار وتأثيره في الإنشاد الديني
ظل الشيخ كامل نوار واحدًا من الأصوات المميزة في الإنشاد الديني، حيث ترك بصمة واضحة في الإذاعة المصرية خلال السبعينيات والثمانينيات. لم يكن مجرد مبتهل عادي، بل كان يمتلك أسلوبًا خاصًا يمزج بين الخشوع والإحساس العميق بالكلمات التي ينطق بها.
أسلوبه في الإنشاد والتلاوة
تميز الشيخ كامل نوار بصوت رخيم ونبرة دافئة تلامس القلوب، وكان يعتمد على الأداء الهادئ والخشوع التام في إنشاده للابتهالات، مما جعل صوته يدخل القلوب بسهولة. لم يكن يكتفي بمجرد الإنشاد، بل كان يعبر عن كل كلمة بمعانٍ روحية عميقة تجعل المستمع يعيش معاني الابتهال أو الآية القرآنية.
علاقته بزملائه وتأثيره في الأجيال اللاحقة
كان الشيخ كامل نوار محبوبًا بين زملائه من المبتهلين والمقرئين، وكان يحظى بتقدير كبير في الأوساط الدينية والإعلامية. لم يكن مجرد قارئ أو مبتهل، بل كان معلمًا وقدوة للعديد من المنشدين الذين جاءوا بعده. وقد تأثر به العديد من المبتهلين والمقرئين، الذين استلهموا من طريقته في الأداء وتلاوة القرآن الكريم.
أشهر تسجيلاته وإنجازاته
من بين أشهر تسجيلاته التي لا تزال تبث حتى اليوم:
ابتهال “يا رب جئتك مخلص الدعوات”: يُعد هذا الابتهال من أبرز أعماله وأكثرها شهرة، حيث تميز بالإحساس العميق والتضرع الخالص إلى الله.
الابتهالات الرمضانية: كان من الأصوات الأساسية التي تشدو بأروع الأدعية والابتهالات خلال شهر رمضان، سواء في الإذاعة أو التلفزيون.
تلاوات قرآنية مميزة: رغم أنه كان مشهورًا بالابتهالات، إلا أن تلاواته للقرآن الكريم كانت تتميز بالخشوع والإتقان، ما جعله معتمدًا كقارئ في الإذاعة المصرية عام 1978.
رحيله وذكراه الخالدة
رحل الشيخ كامل نوار عن عالمنا في 11 يناير 1984، لكن صوته لم يغب، فقد بقي حاضرًا عبر تسجيلاته التي لا تزال تذاع في المناسبات الدينية، وخاصة في شهر رمضان، حيث يُستعاد صوته في لحظات السحور وصلاة الفجر، مما يعيد إلى الأذهان أجواء روحانية مميزة.
لم يكن الشيخ كامل نوار مجرد مبتهل أو قارئ للقرآن الكريم، بل كان روحًا متوهجة بالإيمان، حملت صوتها إلى القلوب فأنارتها بالخشوع والتقوى. لقد كان نموذجًا لفن الإنشاد الديني الأصيل الذي يعتمد على الإحساس الصادق والتقرب الحقيقي إلى الله، ولهذا سيظل اسمه حاضرًا في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، وسيبقى صوته نورًا يضيء القلوب التواقة إلى السكينة والروحانية.