بقلم د.نادي شلقامي
القاهرة لم تكن يومًا مجرد عاصمة عربية؛ بل كانت ولا تزال نبضًا ثقافيًا وفنيًا وسياسيًا يمتد تأثيره ليلامس وجدان الأمة. وفي الخليج، وتحديدًا من الكويت، برز صوتان إعلاميان وكتابيان حظيا بمكانة خاصة، لُقبا على إثرهما بـ “المعشوقين الكويتيين لمصر”: وهما الكاتبة والمنتجة فجر السعيد، والإعلامي والكاتب محمد الملا. يشكل هذان الاسمان ثنائيًا فريدًا في المشهد الإعلامي، ليس فقط بفضل أعمالهما الدرامية والصحفية المثيرة للجدل في الداخل الكويتي، بل لتكريسهما جزءًا كبيرًا من جهدهما ومواقفهما لدعم الجمهورية المصرية وشعبها. فما هي قصة هذا الولاء العابر للحدود؟ وكيف أسهمت مواقفهما في خلق جسر محبة إعلامي بين ضفتي الخليج ونهر النيل؟
يتميز كل من الإعلاميين الكويتيين فجر السعيد ومحمد الملا بمسيرة إعلامية وكتابية حافلة بمواقف قوية ومؤثرة تجاه مصر والمصريين، تتسم بالدعم والثناء غالبًا، رغم ما يثيره بعضها من جدل.
أولا…. الأستاذة والإعلامية/ فجر السعيد:
( الدفاع عن الإنجاز والاحتفاء بالمصريين)
تُعرف فجر السعيد بمواقفها المؤيدة بشدة للقيادة السياسية في مصر ودفاعها عن المصريين، وهو ما جعلها تحصل على الإقامة المصرية.
1- الثناء على البنية التحتية والإنجازات:
أ- أشادت بشكل متكرر بـالطفــرة الكبيرة والإنجازات التي حققتها مصر مؤخرًا، خاصة في قطاع الطرق والكباري (على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة وقلة الإمكانيات مقارنة بدول أخرى)، معتبرة ذلك إنجازًا يدعو للفخر.
ب- قارنت بين جودة الطرق في مصر والكويت، مشيرة إلى أن مصر استطاعت تحقيق إنجازات كبيرة في تطوير الطرق الجديدة والمحاور.
2- دعم المصريين في الكويت:
أ- دافعت بقوة عن الجالية المصرية في الكويت، خاصة عندما تتعرض لهجوم أو مطالبات بالترحيل بسبب بعض الأحداث الفردية.
ب- أكدت أن المصريين هم “ملح الدنيا” وأن وجودهم ضروري جدًا للكويت، حيث قالت في إحدى تغريداتها الشهيرة: “من قلبي أدعي الله يخليلنا المصريين بدونهم الوضع مادري شلون بيكون … مصر أم الدنيا والمصريين ملح الدنيا”.
3- مؤيدة للقيادة المصرية:
— تُعد من أبرز المؤيدين والمدافعين عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتنشر بانتظام مواد إعلامية داعمة لقراراته وسياسات الدولة المصرية.
4- علاقات مع الفنانين والإعلاميين المصريين:
–على الرغم من دعمها العام للدولة، إلا أنها تشتهر بـمشاحنات وانتقادات علنية حادة لبعض الفنانين والإعلاميين المصريين (مثل شيماء سيف ونجلاء فتحي)، مما يثير جدلاً واسعًا.
ثانيا….الأستاذ والإعلامي/محمد الملا :
(خط الدفاع عن الجيش والسيادة المصرية)
يُعتبر محمد الملا مدافعًا شرسًا عن الجيش المصري وسيادة مصر، ويخصص مساحة كبيرة في برامجه وكتاباته للحديث عن دور مصر التاريخي والحالي.
1- الولاء للجيش المصري:
أ- يصف الجيش المصري بأنه خط أحمر وقوة ضاربة للأمة العربية والإسلامية، ويرفض بشدة أي تشكيك في قوته أو تاريخه العسكري.
ب- يؤكد أن تاريخ الجيش المصري يمتد لآلاف السنين ولديه قواعد أخلاقية راسخة، وأن مصر ستظل سدًا منيعًا لحماية الأمة العربية.
2- دعم القيادة والوحدة الوطنية:
أ- يُثني على الرئيس المصري كـ”صاحب فكر وإرادة قوية”، داعيًا المصريين إلى الصبر والتفاؤل مؤكدًا أن القادم أفضل وأن مصر “ستكون قوة اقتصادية وعسكرية”.
ب- يشيد بوحدة الشعب المصري والتفافه حول جيشه وقيادته في وجه التحديات والمؤامرات الخارجية.
3- رفض المساس بسيادة مصر:
— أبرز موقف مصر الرافض لأي محاولة لاستغلال الأزمات الاقتصادية للضغط عليها للمساس بسيادتها أو التنازل عن أي جزء من أراضيها (كموقفها الثابت تجاه سيناء ورفض تصفية القضايا الإقليمية على حسابها).
4- علاقة الكويت ومصر “دولة واحدة”:
أ- يؤكد بشكل دائم أن العلاقة بين الكويت ومصر هي “علاقة أبدية دائمة” امتزجت فيها الدماء الطاهرة، رافضًا السماح لأي طرف بشتم مصر وأهلها.
ب- يحذر من محاولات جماعات معينة (كالإخوان المسلمين) لبث الفتنة ومحاولة قطع العلاقات بين البلدين.
5- الإشادة بالتطور:
— أشار إلى التطور الهائل الذي شاهده في مصر خلال زياراته الأخيرة، ووصفها بأنها “حاجة تانية” وتسابق الزمن نحو الأفضل، مشيدًا بجهود الدولة في توفير البنية التحتية والخدمات الأساسية.
تبقى العلاقة بين الكويت ومصر نموذجًا للروابط الأخوية الراسخة، وفي خضم هذه العلاقة الرسمية والشعبية، يبرز دور فجر السعيد ومحمد الملا كصوت إعلامي صريح وداعم. بغض النظر عن الجدل الذي يحيط بتصريحاتهما في بعض الأحيان، فإنهما يمثلان اليوم رمزًا لعمق التأثير المصري في الوجدان العربي وامتنان الجيل الحالي له. لقد نجح “المعشوقان الكويتيان لمصر” في ترسيخ مكانة خاصة لهما، تؤكد أن المحبة الإعلامية الصادقة يمكن أن تكون قوة تماسك تفوق أحيانًا المعاهدات الرسمية، مجسدين بذلك أن حب مصر هو جزء أصيل من تكوين العديد من النخب العربية المؤثرة.
