دارين محمود
يراودني شبح، كلما رآني أخطوا خطوة أحبها يلاحقني وينطق في أذني قائلاً: “استعدي للهلاك”.. فيهلكني التفكير ثم يأخذني الهلاك معه. وعندما أجلس بالزاوية الخاصة المعتادة عليها، أتلفظ أنفاسي التي كنت أظنها الأخيرة، فيتركني الشبح مرة أخرى.. فأهدأ، وأرجع بلياقتي البدنية لأجري إلى بداية دائرة الأمان
لكنني في كل مرة أصل فيها إلى ذلك الخط، أدرك أن الأمان ليس مكاناً أهرب إليه، بل هو “هدنة” ألتقط فيها شتات نفسي. ألتفت خلفي، فلا أجد الشبح، بل أجد ظلي الذي تضخم بفعل نيران قلقي. أدرك حينها أن الشبح لا يملك يداً ليدفعني، بل يملك صوتاً فقط، وصوته يقتات على صمتي.
سأظل أجري، لا خوفاً من الهلاك، بل رغبةً في اكتشاف المسافة التي تفصلني عن ذاتي الحقيقية. ففي كل مرة أظنها النهاية، أكتشف أنها كانت مجرد “عثرة” تعلمت منها كيف أتنفس من جديد، وكيف أجعل من تلك الزاوية منطلقاً لا مخبأً. فالهلاك الذي يتوعدني لا يزول بالخوف والقلق بل بالثبات والهدوء
