كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
في الوقت الذي يواجه فيه مرضى الغدة الدرقية سلسلة من التغييرات الصحية التي قد تبدو واضحة ومباشرة، يكشف الأطباء اليوم عن جانب خفي يتعلق بالجهاز الهضمي، وخاصة الشعور بالغثيان أو الرغبة المتكررة في القيء؛ عرضٌ محيّر قد لا يتوقعه كثيرون ولا يربطونه بخلل الهرمونات.
فالغدة الدرقية، تلك الغدة الصغيرة الموجودة في مقدمة الرقبة، تُعد من أهم المحركات الحيوية في الجسم، إذ تتحكم بمستويات الطاقة والتمثيل الغذائي وتؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على عمل أجهزة الجسم كافة، بما فيها الأمعاء والمعدة.
فرط نشاط الغدة.. تسارع داخلي يدفع بالجهاز الهضمي للاضطراب
يكشف الأطباء أن فرط نشاط الغدة الدرقية يؤدي إلى إفراز زائد لهرمون الثيروكسين، ما يضاعف سرعة العمليات الحيوية في الجسم. هذا النشاط المتسارع يترك بصمته على الجهاز الهضمي بشكل واضح:
اضطراب حركة الأمعاء يؤدي إلى تقلصات مفاجئة، تشكل بيئة خصبة للشعور بالغثيان والإسهال.
الارتجاع الحمضي الناتج عن ارتخاء الصمام المريئي يؤدي إلى إحساس حارق في الحلق ودوار المعدة.
خمول الغدة.. بطء الهضم ومعاناة صامتة
وفي الجانب الآخر من الصورة، يعاني المصابون بخمول الغدة الدرقية من حالة معاكسة تماماً؛ حيث تنخفض سرعة التمثيل الغذائي في الجسم إلى مستويات تجعل الأمعاء تهضم الطعام ببطء ملحوظ.
ويرى المختصون أن هذا البطء قد يقود إلى:
تأخر إفراغ المعدة (خزل المعدة)، ما يسبب شعوراً ثقيلاً بالامتلاء والغثيان المستمر.
إمساك مزمن يولد ضغطاً داخلياً يدفع المعدة لإرسال إشارات إنذار على شكل رغبة في القيء.
الأدوية تحت المجهر
ولا يستبعد الأطباء مساهمة أنواع معينة من أدوية الغدة في ظهور أعراض جانبية تشمل اضطرابات هضمية خفيفة، خصوصًا مع بداية العلاج أو عند تعديل الجرعات، وهو ما يتسبب بموجة غثيان مؤقتة لدى بعض المرضى.
العامل النفسي.. بُعد مهم في المشهد
تؤكد دراسات طبية حديثة أن الرابط بين الدماغ والجهاز الهضمي قد يلعب دوراً محورياً في تفسير هذه الظاهرة. فاضطرابات الغدة كثيراً ما تترافق مع القلق والتوتر، وهي حالات تزيد من حساسية المعدة وتؤدي بدورها إلى الشعور بالغثيان.
