د. إيمان بشير ابوكبدة
تشهد مدن إيرانية عدة حالة من التوتر المتصاعد مع دخول الاحتجاجات الشعبية يومها الثالث، في ظل إضرابات واسعة، وإغلاق للأسواق، وانتشار أمني مكثف، وسط أزمة اقتصادية خانقة وتراجع غير مسبوق للعملة الوطنية.
إضرابات واسعة وإغلاق أسواق
في اليوم الثالث للاحتجاجات، أغلقت محال تجارية في مناطق شوش ومولوي جنوب طهران، إضافة إلى متاجر في ساحة نقش جهان بمدينة أصفهان، فيما أفادت تقارير بوجود تجمعات احتجاجية داخل أجزاء من البازار الكبير في العاصمة.
ويُعد سوقا شوش ومولوي من أهم مراكز الجملة والتجزئة في جنوب طهران، ويؤدي توقف العمل فيهما إلى تأثير مباشر على سلاسل التوريد والأسعار في المدينة.
كما أغلق تجار الحديد والأجهزة المنزلية والهواتف المحمولة محالهم، وخرج بعضهم في تجمعات احتجاجية أمام مراكز تجارية معروفة مثل علاء الدين وإيران موبايل.
تدهور قياسي للعملة
تزامنت هذه التحركات مع هبوط الريال الإيراني إلى مستوى تاريخي جديد، إذ بلغ نحو 1,445,000 ريال مقابل الدولار الواحد في السوق الحرة، ما فاقم الغضب الشعبي بسبب الغلاء وتراجع القدرة الشرائية.
احتجاجات ليلية واتساع رقعتها
شهدت عدة مدن إيرانية احتجاجات ليلية، من جزيرة قشم جنوبًا إلى زنجان وهمدان شمالًا. ورددت مجموعات من المحتجين شعارات مناهضة للنظام.
وفي بعض المناطق، تحولت الاحتجاجات إلى مواجهات عنيفة، حيث أطلقت قوات الأمن الرصاص الحي في همدان، واستخدمت الغاز المسيل للدموع في طهران ومدينة ملارد.
تشديد أمني في طهران والجامعات
شهدت مناطق عدة من العاصمة طهران، بينها ساحة ولي عصر وحي آرياشهر، انتشارًا كثيفًا لقوات الأمن ونقاط تفتيش، في محاولة لمنع التجمعات.
كما شُددت الإجراءات الأمنية في جامعة خواجة نصير الدين الطوسي، مع فرض رقابة صارمة على مداخل الحرم الجامعي، عقب إعلان الطلاب نيتهم المشاركة في الاحتجاجات.
مواقف رسمية متباينة
قالت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني إن الاحتجاجات تعكس ضغوطًا اقتصادية شديدة على المواطنين، مؤكدة أن الحكومة تعترف بحق التجمع السلمي الذي يكفله الدستور، وأنها مستعدة للاستماع حتى إلى الانتقادات الحادة.
في المقابل، اعتبر المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جهانغير أن الأزمات الاقتصادية لا يجب أن تُستغل – بحسب تعبيره – من قبل «أعداء» النظام، مشددًا على أن الشعب لا يزال متمسكًا بقيم الثورة الإسلامية.
الرئيس الإيراني يدعو للحوار
وفي أول رد رسمي له، أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أنه أصدر تعليمات لوزير الداخلية بفتح حوار مع ممثلي المحتجين والاستماع إلى مطالبهم.
اتهامات بالفساد وتحذيرات دينية
من جانبه، ربط رجل الدين البارز في قم محمد جواد فاضل لنكراني الاحتجاجات بوجود شبكات فساد اقتصادي، محذرًا من استمرار مسؤولين «غير قادرين على إدارة البلاد أو مواجهة الفساد». واعتبر أن بقاء هؤلاء في مناصبهم «غير جائز دينيًا».
كما شدد لنكراني على قضية الحجاب الإلزامي، معتبرًا أن ما وصفه بـ«الانحلال الأخلاقي» جزء من مشروع يستهدف الهوية الدينية لإيران، خصوصًا بين الشباب.
إغلاق رسمي في طهران
وسط هذه الأجواء، أعلنت السلطات الإيرانية إغلاقًا شاملًا لمحافظة طهران يوم الأربعاء، يشمل الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات والبنوك والمراكز التجارية، مبررة القرار بموجة برد شديدة وضغوط على قطاع الطاقة، من دون ربطه رسميًا بالاحتجاجات.
