الرياضةمقالات

كيف بدأت عملية النصب؟

د/حمدان محمد

تبدأ القصة بموقع إلكتروني مزيف لا تتجاوز تكلفته 2 جنيه، وهو أحد المواقع المنتشرة على تطبيق “تليجرام” تحت اسم “فيوتشر براند” أو اختصارًا FBC. يدّعي هذا الموقع أنه متخصص في الإعلانات الإلكترونية، ويطلب من المستخدمين تنزيل تطبيق خاص به، حيث يمكنهم إيداع الأموال مقابل تنفيذ مهام بسيطة مثل مشاركة منشورات أو مشاهدة فيديوهات، ليحصلوا بعد ذلك على أرباح مضاعفة تُرسل إلى محافظهم الإلكترونية عبر خدمات الدفع الرقمي.

لكن من يقف خلف هذه المنصة؟ يقال إن شخصًا يدعى “أحمد” من محافظة البحيرة هو العقل المدبر وراءها، لكن لا يوجد حتى الآن تأكيد رسمي لهذه المعلومة.

كما استغلت المنصة غريزة الطمع لدى الناس، وبدأت بإغرائهم بأرباح أولية بسيطة لجذبهم، ثم دفعتهم إلى إيداع مبالغ أكبر بحجة رفع مستوى أرباحهم.

ومع مرور الوقت، دخلت اللعبة في مرحلتها الثانية، حيث أصبح المطلوب من المشتركين الأوائل جلب المزيد من الضحايا، مع وعد بنسب أرباح عن كل شخص يتم إقناعه بالانضمام. وصلت الوعود إلى أرقام خيالية، فمثلاً، من يجلب 10 أشخاص يحصل على نسبة معينة، أما من ينجح في ضم 100 شخص فقد يصل ربحه إلى 18 ألف جنيه، وهكذا. وكلما زاد عدد المشتركين الجدد، زادت النسبة المكتسبة.

وقد يبدو الأمر واضحًا للكثيرين على أنه نصب بحت، لكن بعض الأشخاص بالفعل حصلوا على أرباح في البداية، مما زاد من مصداقية المنصة في نظرهم، وأقنعهم بجلب أقاربهم وأصدقائهم للمشاركة. وهكذا استمرت الدائرة في الاتساع.

كما قرر القائمون على المنصة استهداف الفئات التي تملك المال ويسهل إقناعها، وهي فئة سكان المحافظات الريفية والأقاليم. فقد ركزوا على أشخاص بسطاء يبحثون عن أي فرصة للثراء السريع، ثم جعلوا بعض المشتركين الأوائل، الذين لم يكن لديهم قوت يومهم، يرتدون بدلات فاخرة ويقودون سيارات حديثة، ليبدو أنهم أصبحوا من كبار مديري المنصة.

وقد تم الترويج للمنصة على أنها شركة بريطانية عمرها 25 عامًا، وبدأوا في تنظيم لقاءات رسمية في سمنود، طنطا، المحلة وغيرها، عبر عزومات ضخمة وحفلات خيرية، حيث كانوا يستأجرون قاعات فاخرة، ويدعون الناس إليها، ويوزعون هدايا مثل غسالات وأجهزة كهربائية تحمل شعار المنصة.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل بدأ بعض المشايخ والدعاة في الترويج لها، مما عزز من مصداقيتها لدى الكثيرين، وتم فتح مكاتب رسمية، وانتشرت مقاطع فيديو تؤكد أن المنصة “موثوقة”، حتى أصبح المشهد وكأنه استثمار حقيقي، وليس عملية احتيال.

ولكن قبل رأس السنة الماضية، كان المشترك العادي يضع 300 جنيه ليحصل على 600 جنيه، وعندما رأى أن الأرباح مضمونة، بدأ يضخ أموالًا أكبر:

وإذا البعض استثمر كل مدخراته من عمله في الخليج

وآخرون باعوا شققهم أو مركباتهم (توك توك، سيارة…)

حتى النساء لم يسلمن، فبعضهن باعن ذهبهن

ومع استمرار انتشار الإعلانات على “تليجرام”، وصل عدد المشتركين إلى مليون مصري، وضخت المنصة مليارات الجنيهات في غضون شهر واحد فقط!

ولكن فجأة، وفي لحظة واحدة، أُغلقت المنصة بالكامل، واختفى صاحبها بعد أن جمع ثروة طائلة، ليترك خلفه آلاف الضحايا الذين ظنوا أن أرباحهم ستتضاعف إلى الملايين.

وما إن اكتشف المشتركون أنهم وقعوا في فخ الاحتيال حتى بدأت حملات الصراخ واللطم والبلاغات، ليس فقط ضد القائمين على المنصة، بل حتى ضد المشرفين عليها، الذين كانوا مجرد أدوات تم خداعهم هم أيضًا. في النهاية، كان الرابح الوحيد هو مبتكر هذه الخدعة، الذي جمع الأموال وهرب بها

لماذا لا نتعلم؟

لطالما حذرنا من أن النصاب يلعب على الطمع، وأذكى النصابين هم من يقنعون ضحاياهم أنهم في أمان. القاعدة الذهبية التي يجب أن يفهمها الجميع هي:

“أي ربح سهل وسريع، غالبًا ما يكون وراءه عملية احتيال.”

اليوم انتهت قصة “FBC”، لكن قريبًا ستظهر منصة جديدة، بنفس الخدعة لكن بثوب مختلف، وسينجذب إليها الملايين مجددًا، لأن القاعدة تظل كما هي:

“القانون لا يحمي المغفلين.”

ولذا وجب التنبيه على كل إنسان منا أن يتقى الله فيما يچمع من مال وفيما ينفقه لأنه مسؤل بين يدى الله سبحانه وتعالى عن ماله .من أين إكتسبه وفيما أنفقه.نسأل الله أن يغنينا من فضله وأن يرزقنا جميعاً الحلال الطيب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى