تنبيهات شرعية في الأضحية

د حمدان محمد
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك يتهيأ المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها لإحياء شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام وهي الأضحية التي جعلها الله مظهرًا من مظاهر التقوى والتقرب إليه وبها يتذكر المسلم موقف سيدنا إبراهيم عليه السلام واستسلامه لأمر ربه حين أمره بذبح ولده إسماعيل عليه السلام
وفي خضم الاستعداد لهذه الشعيرة يقع البعض في أخطاء شائعة تخالف الهدي النبوي وتفقد الأضحية قيمتها وأثرها ومن أبرز هذه الأخطاء شراء ما يُعرف بالجلالة وهي البهيمة التي تأكل من النجاسات أو القاذورات كالمخلفات والقمامة ومياه الصرف الصحي وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلالة فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم( نهى عن الجلالة في الإبل والبقر والغنم وأكل لحومها) وقال أهل العلم لا تصح التضحية بالجلالة حتى تُحبس وتُطعم طعامًا طاهرًا أربعين يومًا حتى تطيب لحمها وتذهب رائحتها
ولا يقتصر النهي عن ذبح الجلالة على الأضحية فقط بل يشمل أكلها في سائر الأوقات فقد أجمع العلماء على أن الجلالة لا يجوز أكل لحمها ولا ذبحها حتى تُطهَّر من أثر النجاسات ويعود لحمها طيبًا صالحًا لأن الجلالة لحومها متغيرة بطعامها الفاسد وقد تحمل ضررًا صحيًا إضافة إلى مخالفتها للهدي الشرعي فلا يجوز شرعًا أن تُشترى بهيمة كانت تأكل من الزبالة أو تسير في الشوارع وتأكل مما هب ودب ثم تُقدَّم لله تعالى أضحية أو تؤكل في غير الأضحية فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا
ومن الأخطاء الشائعة كذلك أن بعض الناس يدفع للجزار جزءًا من الأضحية كأجر له وهذا لا يجوز شرعًا فقد روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال (أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بُدنِه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها ولا أُعطي الجزار منها شيئًا وقال نحن نعطيه من عندنا)
فالأضحية لا يُعطى منها الجزار على سبيل الأجرة بل يُعطى أجره من مال آخر أما أن يُعطى جلدها أو لحمها أو شيء منها كأجر فذلك مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم
وإن شعيرة الأضحية عبادة عظيمة ينبغي أن تُقام على السنة وأن يتحرى المسلم فيها ما يرضي الله فلا يستهين بها ولا يتساهل في شروطها ولا يشتري بهيمة لا تصلح أضحية ولا يُعامل الجزار بما يخالف النصوص والأضحية فرصة عظيمة لنيل الأجر وإدخال السرور على الفقراء والمحتاجين وإحياء روح التكافل والتراحم بين المسلمين فليكن ما نقدمه لله خالصًا طيبًا موافقًا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم
نسأل الله أن يتقبل من الجميع وأن يُحيي فينا شعائر الدين كما يحب ويرضى