الأخبار

قولت لجلودي وقالت لي

سامح بسيوني
قلت لجلودي: ويحك لما شهدت علينا ألم تستشعري عذاب ربك أم أصبحت جماد لا حياة فيكٕ ولا أمل؟!
قالت لي: تبت لك أنت ونفسك الغرورة المتكبرة انغمستما في المعاصي والذنوب والشهوات فكنتما تظنان بأن الحياة باقية وليست فانية!

قلت لها: ويحك أنت ألم تتذوفي معنا لذة الشهوات، وانغمستي في بحر عميق من الرغبات، وصرنا أمام أمواج عاتية من الموبقات.

قالت لي: نعم انغمست معكما لا أنكر فعلًا ولا اتبرأ من ذنب، ولكن كنت معكما مجبرة لا مخيرة فكنت أساق كريشة تتقاذفها الأمواج العاتية القاسية، فكنتما كفارس يقود فرسه بلا عقل ولا هدف فكانت عاقبتهما الخسران والندم.

فكررت لها إذًا لماذا شهدت علينا؟ ألم تفكري في شدة العذاب وجحيم العيش وسوء المكان والمستقر؟!

قالت لي: ألم تقرأ قوله تعالى”وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ۖ قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21)

فنعدئذ سقط قلبي خوفًا وعلمت بأنها النهاية المحتومة وأنه لامفر من حكمه وأن النار موعدنا اجمعين.

وعندما رأتني الجلود أعض على أناملي غيظًا وتندمًا خاطبتي خطابًا ليس فيه من الرجاء والأمل.

فقالت لي: ماذا كنت تظن أنت والنفس الخبيثة الأمارة بالسوء؟! أن يشهد عليكم سمعكم وابصاركم ولا جلودكم وكان ظنكم بأن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون.

وعندئذ أردت أن افتدي بنفسي وبمن في الأرض جميعا،فصرت ألهث كظمٱن يجري واراء سرابًا يحسبه ماء، واشتد الفزع والخوف وكأني حمر تفر من قسورة وجئت يوم القيامة ببضاعة مزجاة،وفجأة استيقظت من كابوسي وأنا أقول لجلودي ياليتني قدمت لحياتي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى