عمر المختار: أسد الصحراء الذي لم يركع
أحمد حسني القاضي
عمر المختار، شيخ المجاهدين، وأحد أعظم رموز المقاومة في تاريخ الأمة العربية والإسلامية. وُلد عام 1858 في منطقة الجبل الأخضر شرق ليبيا، ونشأ في بيئة بدوية متواضعة. حفظ القرآن الكريم منذ صغره، وتربى على القيم الإسلامية الأصيلة من صدق ووفاء وإخلاص.
منذ شبابه، عُرف بالشجاعة والحكمة. كان فارسًا لا يهاب الموت، وقائدًا مهاب الجانب بين قومه. ومع الغزو الإيطالي لليبيا عام 1911، تصدّر عمر المختار صفوف المقاومة، وقاد المعارك في جبال ووديان برقة لأكثر من عشرين عامًا، مستخدمًا حرب العصابات ببراعة أرهقت المستعمر.
رغم قلة السلاح والعتاد، لم يركع عمر المختار يومًا، بل ظل ثابتًا كالجبل، صامدًا كالسيف، يقاتل من أجل دينه ووطنه وكرامته. كان مثالًا للأخلاق النبيلة، حافظًا لكتاب الله، مخلصًا في إيمانه، محبوبًا بين الناس، وموضع احترام الأعداء قبل الأصدقاء.
في عام 1931، وقع في الأسر بعد معركة غير متكافئة. وعلى الرغم من تقدّمه في السن، أصر الاحتلال الإيطالي على إعدامه. فوقف في قاعة المحكمة شامخًا، وقال كلمته الشهيرة: “إننا لا نستسلم، ننتصر أو نموت.” وفي 16 سبتمبر 1931، تم تنفيذ حكم الإعدام شنقًا في بلدة سلوق، أمام جمع من أبناء شعبه، ليخلد اسمه في ذاكرة الأحرار رمزًا للمقاومة والعزة.
اليوم، يبقى عمر المختار حيًا في ضمير الأمة، عنوانًا للكرامة والتضحية، وصوتًا لا يُنسى في وجه الظلم. وتحمل ليبيا اسمه بكل فخر، كما تحتضنه قلوب المصريين وسائر العرب كرمز للمجد والنضال.
شعر في اسد الصحراء.
يا شيخنا، يا من جعلت الليلَ نارًا للمُعتدي
وسلّ سيفك في الدجى، والعزمُ في القلب احتدى
مضيتَ للحقّ العظيم، ولم تضعف أو تُهدَّدِ
حتى الشهادةُ جئتَها، بثباتِ مَن لا يُرتدى
في الأرض كنتَ كأنّك السيفُ الذي لا ينثني
وفي السماء يراك ربُّ العرشِ من زمر التُقى
يا عمر المختار، يا فخر العروبة والندى
ذكراكَ فينا نبضُنا… وسَنا الكرامةِ والهدى