نحن الكتب

بقلم / عاليا عمرو أبو العزم
من المؤكد أن جميعنا يعرف ما هي المكتبة؟
هي مكان تُحفظ فيه الكتب وتُعرض للبيع، ولكن ماذا لو تمعنا النظر ورأينا الشبه بيننا وبين كل هذه الكتب المرتبة على الرفوف.
تخيل أنك كتاب والعالم هو المكتبة التي تعيش فيها، ولكن لو ألقيت نظرة والتفتَّ حولك ستجد مئات الكتب المتعددة موضوعة بجانبك في نفس المكتبة.
وكذلك الحياة، فاعلم أنك لا تعيش وحدك في هذا العالم، وأن المكتبة لا تُسمى مكتبة لو شملت كتاباً واحداً فقط، بل إن جمال المكتبة وروعتها يكون في تعدد كتبها، تمامًا كالبشر.
مما ينقلنا إلى نقطة أخرى، وهي تعدد وتنوع الكتب واختلافها، فلا يوجد كتاب مطابق للآخر وإن تشابه، كل كتاب فريد بشيء سواء أكان ذلك في عدد صفحات الكتاب أو حجمه أو لون الغلاف ومنظره الخارجي أو في محتواه الداخلي، فكل كتاب منفرد حتى لو كان هذا الانفراد دميمًا، فهو لا يزال انفرادًا.
وكذلك نحن، فكل شخص فينا مختلف وإن تشابهنا، لن نتطابق أبدًا، ولكن يجب أن نبحث عن الأشخاص الذين يشبهوننا خصوصًا في أخلاقهم ومبادئهم. فهل وجدت يومًا كتاب فلسفة بجوار قصة رعب؟
واسمحوا لي أن أذكر أن أشكال الكتب مهمة. نعم، هي كذلك.
الكل يعرف الحكمة المشهورة “لا تحكم على كتاب من غلافه”، ولكن رغم أن هذا الكلام لا شك فيه ولا اعتراض عليه، إلا أن تطبيق هذه الحكمة حقيقة ليس بالأمر البسيط، فالإنسان بطبيعته ينجذب إلى كل جميل يَحلو لعينه، لأن الله وضع في قلبه وروحه حب الجمال.
العيب يأتي فيما بعد رؤيتك لغلاف، سواء أكان ذلك الغلاف جميلاً أم قبيحًا، فلا يجب أن يكون سبب قراءتك لكتاب غلافه ولو كان جميلاً، بل يجب أن تأخذ نبذة سريعة عن الكتاب وتقرأ ما هو مكتوب على غلافه الخارجي وأولي صفحاته، وبناءً على تصفحك له تبني موقفك وتصرفك تجاهه.
فعندما تقابل شخصًا ما، لا تحكم عليه حكمًا سريعًا بناءً على شكله أو مظهره الخارجي مما يقرر لك طريقة التعامل معه فورًا، بل عامله بناءً على انطباع مبني على طريقة التفكير والمبادئ.
ولتضع في الحسبان أنك غالبًا لن تعرف حقيقة إنسان في البداية، كما أنك لن تعرف محتوى كتاب حتى قرأته كاملًا وعاشرت كلماته أو قرأت ملخصًا عنه.
والجدير بالذكر أن مكانة كل كتاب وقيمته تُقاس بمحتواه، وأيُّ رفٍّ هو يقطنه، وكذلك ما يجاوره في نفس ذات الرف من كتب، كما أن مكانة الإنسان تُقاس بالمواقف والصديق الذي يصاحبه والعمل الذي يعمله.
ولا تنسَ أن الكتب رغم كثرتها وتنوعها، إلا أن كلها مصنوعة من أوراقٍ بيضاءٍ نُقِشَتْ بالحبر، أما الفارق بينها فهي الكلمات التي تُسْطِر صفحاتها، وكذلك كل البشر فقد خُلقوا من طين، إلا أن الفارق بينهم هو طريقة التفكير والأخلاق والمبادئ.
وعليك أن تتذكر أنك أنت فقط من تُسطِر كتابك، وأنت الوحيد الذي تضع توقيعك عليه، ولا أحد غيرك مسؤول عن ذلك، فالكاتب وحده هو الذي يكون تحت الأضواء، وليس أيُّ شخصٍ آخر، حتى لو ساهم في إنتاج هذا الكتاب أو أثَّر فيه، سواء أكان هذا التأثير إيجابيًا أو سلبيًا.
نهايةً، اعتنِ جيدًا بما تكتب في كتابك، فأنت وحدك الذي سيُنتقد، ولن يُلام أحد غيرك على ما كتبت أو ما تركت من أثرٍ في نفس أو سلوك من قرأ كلماتك، كما أنك أنت وحدك من ستحاسب على ما تفعل، واختر الرف الذي ستعيش فيه بدقةٍ، وهنا لا أعني مكان كتابك في المكتبة في أعلى الرفوف أو أسفلها، بل ما يهم هو بين أيِّ أنواع من الكتب تريد أن يُصنَّف كتابك.
ماشاء الله جميل جدا التشبيه احسنتي عاليا ❤️