مقالاتمنوعات

قعدة بلدي… اللمة راحت فين

 

بقلم السيد عيد 

في زمان مش بعيد، كانت “القعدة البلدي” عند الحاجة سميحة أو عم حسن البقال، أمتع من أي سهرة على نتفليكس، وأصدق من أي تريند على السوشيال. كانت الناس بتلم نفسها بعد المغرب، يفردوا الحصيرة، ويتبادلوا الحكايات، من أول جواز بنت أم خميس لحد القط اللي اختفى من بيت أم جرجس.

 

النهارده؟ القعدة بقت على الواتساب، واللمة استبدلناها بجروب اسمه “أهل الحتة”، كل واحد فيه صامت على التاني، واللي بيكلم يبعت استيكر.

 

واحد زي عم سيد كان زمان بيقعد يحكي عن أيام الهجرة في ليبيا، وعن الجمل اللي ركبوا في سيوة، والريحة اللي كانت بتيجي من الصحرا قبل المطر بيوم. دلوقتي، عم سيد بيقعد لوحده على القهوة، ماسك الموبايل، بيلعب دومينو أونلاين مع واحد اسمه “كازابلانكا_2020”.

 

أما الست أمينة، اللي كانت بتقلب البيت رأساً على عقب لو اتأخرنا عن القعدة، بقت بتتفرج على المسلسلات التركية، وتقول: “يا سلام على الرجالة هناك!”، ونسيِت إن سي السيد بتاعنا كان بيكوي جلابيته بنفسه أيام الخطوبة!

 

إيه اللي حصل؟

هل دخل الإنترنت بيوتنا وطرد الونس؟

هل بقت العيلة تشوف بعض على الريلز؟

هل القعدة بقت تقيلة لأننا بقينا نشوف بعض كل يوم على الفيس ومابنسمعش بعض خالص؟

 

القعدة البلدي مش كانت مجرد لمّة، كانت دفتر أحوال… تقرأ فيه أحزان الناس من غير ما يقولوا، وتعرف إن أم حسين زعلانه من غير ما تنطق. القعدة دي كانت علاج مجاني، وفضفضة جماعية، وضحكة صافية مافيهاش إيموجي.

 

يا جماعة، اللي فقدناه مش بس القعدة… إحنا فقدنا تفاصيلنا.

فقدنا اللمة اللي كان فيها شاي على الحطب، ومقشة على الباب، وخناق على طاولة الطاولة بين عم توفيق والحاج شعبان، وبعدها نتصالح على طبق لب.

 

رجّعوا القعدة، حتى لو ساعة في الأسبوع.

افردوا الحصيرة، لمّوا العيال، وسيبوا الموبايلات.

اسمعوا بعض، اضحكوا، واحكوا حكاية قديمة، يمكن نرجع نحب الحي اللي ساكنين فيه، ونفتكر إن الجيران مش بس أرقام شقق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى