أصدَقُ مِن قطاةٍ!

يكتب: رمضان رجب
تقول العرب في أمثالها أصدق من قطاةٍ ولهذا المثل قصة خيالية ولكنها جميلة وبها عبرة:
“حُكِيَ: أنَّ قَطاةً وهى نوعٌ من الطيور البريّة تُشبِه الحمامة تنازَعتْ معَ غُرابٍ في حُفرةٍ يَجتمعُ فيها الماءُ، وادَّعى كلُّ واحدٍ منهما أنَّها مِلكُه، فتحاكَما إلى قاضي الطَّيرِ، فطلبَ بيِّنةً، فلَم يكن لِأحدِهما بيِّنةً يُقيمها، فَحكَم القاضي للقطاةِ بالحفرة، فلَمَّا رأتهُ قضى لَها بِها مِن غير بيِّنةٍ، والحالُ أنَّ الحفرةَ كانَت للغُراب!
قالَت: أيُّها القاضي! ما الَّذي دعاكَ لِأَن حكمتَ لي وليسَ لي بيِّنة؟ ومَا الَّذي آثرتَ بهِ دَعوتي على دعوةِ الغُراب؟
فقالَ لها: قَد اشتُهِر عنكِ الصِّدقُ بينَ النَّاس حتَّى ضَربوا بصدقِك المَثلَ، فقالوا: أصدَقُ مِن قطاةٍ!
فقالت له: إذا كانَ الأمرُ على ما ذكرتَ، فَوالله إنَّ الحفرةَ للغرابِ، وما أنا مِمَّن يَشتهِرُ عنهُ خُلَّة جَميلة ويَفعلُ خِلافَها.
فقال لها:
وما حَملَكِ على هذِه الدَّعوى الباطِلة؟
فقالت: ثورةُ الغَضبِ لِكونِه مَنعَني مِن وُرودها، ولكِنَّ الرُّجوعَ إلى الحَقِّ أولى مِن التَّمادي في البَاطِل، ولَأَن تَبقى لِي هذهِ الشُّهرة خَيرٌ لي مِن ألفِ حُفرة.