أحداث الساعة وكثرة الزلازل

د/ حمدان محمد
تمر بنا في هذه الأيام مشاهد تزلزل القلوب قبل أن تزلزل الأرض زلازل مدمرة تضرب أماكن متفرقة من العالم تسقط فيها المباني وتُزهق الأرواح وتنتشر فيها الفوضى ويبيت فيها الآمنون بلا مأوى أو ملجأ وهذه الأحداث ليست مجرد كوارث طبيعية بل هي نُذر من الله ورسائل من السماء تنذر البشر بأن العودة إلى الله أصبحت ضرورة لا خيارا وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه العلامات قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( لا تقوم الساعة حتى يُقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج قالوا وما الهرج يا رسول الله قال القتل القتل) رواه البخاري
فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم (تكثر الزلازل) نجد أنه وصف دقيق لحال العالم في هذا الزمان فقد أصبحت الزلازل أكثر عددًا وأشد تدميرًا وبلغ عددها في بعض السنوات ما لم يُسجل في قرون مضت وهذا من دلائل صدق نبوته صلى الله عليه وسلم ووضوح نُذره للعالمين فالزلازل آية من آيات الله يخوف بها عباده كما قال سبحانه (وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا )وهي تذكرة للمؤمنين ودعوة للغافلين وتنبيه لكل من ركن إلى الدنيا أن الأرض التي يمشي عليها ليست ساكنة بل تتحرك بأمر الله وتهتز بإذنه وتُذكّر الإنسان بضعفه وعجزه
وقد كان السلف الصالح إذا وقعت الزلازل خشعوا واستغفروا وتصدقوا وأمر بعضهم بالصيام والتوبة وقالوا إنها نذير عذاب إن لم نتب فإن الله لا يعذب الناس إلا بعد إرسال النذر وإن المؤمن لا ينظر إلى الزلازل وغيرها من الكوارث بعين الغافل بل بعين الواعظ المتأمل فكل حدث في هذا الكون رسالة وكل آية من آيات الله دعوة للرجوع إليه
وقد قال الله تعالى( إذا زلزلت الأرض زلزالها) فهي زلزلة كبرى يوم القيامة لكن ما يحدث الآن من زلازل هو مجرد إنذار وتذكير بتلك الزلزلة العظمى التي لن يُفلت منها أحد وإن هذه العلامات لا تزيد المؤمن إلا تمسكًا بدينه واستعدادًا ليوم اللقاء فطوبى لمن أيقظته الزلازل من غفلته واستيقظ من نومته قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله فالزلازل ليست مجرد هزات أرضية بل هي صرخات تحذيرية من رب العالمين تقول لنا ارجعوا إلى ربكم وتوبوا إليه قبل أن تُغلق الأبواب وتُطوى الصحف وتقوم الساعة على غفلة من الناس وهم في لهوهم يعمهون.