الصحة والجمال

ما هو الأكثر أهمية لخطر الإصابة بمرض السكري: نمط الحياة أم وزن الجسم؟

د. إيمان بشير ابوكبدة 

في دراسة حديثة نشرت في المجلة الأوروبية للتغذية، قام مجموعة من الباحثين بالتحقيق في العلاقة بين مؤشر عوامل الخطر المرتبطة بأسلوب الحياة (LSRI) ومعدل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني (T2DM) في مجموعة سكانية متعددة الأعراق.

الخلفية

يعاني واحد من كل عشرة بالغين حول العالم من داء السكري، وبحلول عام 2045، من المتوقع أن يُصاب به أكثر من 780 مليون شخص، وسيُصاب أكثر من 90% منهم بمرض السكري من النوع الثاني. يؤثر كل من العوامل الوراثية وعوامل نمط الحياة القابلة للتعديل، مثل التدخين والنشاط البدني والنظام الغذائي غير الصحي وإدمان الكحول، على مرض السكري من النوع الثاني. ويرتبط هذا المرض بمضاعفات مختلفة، مثل أمراض الكلى المزمنة، وتلف العين، والاعتلال العصبي المحيطي (الذي يُسبب بتر الأطراف السفلية)، وارتفاع كبير في معدل الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى العمى وبتر الأطراف.

تشير الدراسات إلى أن دمج هذه السلوكيات في مؤشر نمط الحياة قد ينبئ بخطر الإصابة بالمرض بشكل أفضل من تقييمها بشكل فردي. مع ذلك، ركزت الدراسات السابقة على فترات متابعة قصيرة. يؤكد الأثر الاقتصادي الكبير لمرض السكري من النوع الثاني، من خلال النفقات الطبية المباشرة وغير المباشرة، مثل انخفاض القدرة على العمل ومتوسط العمر المتوقع، على الحاجة إلى الوقاية الفعالة. لذا، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم كيفية تأثير سلوكيات نمط الحياة المدمجة على خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لدى فئات سكانية متنوعة مع مرور الوقت.

حول الدراسة

استخدمت دراسة الأتراب المستقبلية الحالية بيانات من المجموعة متعددة الأعراق (MEC)، والتي شملت 215,903 بالغين تتراوح أعمارهم بين 45 و75 عامًا من هاواي وكاليفورنيا، يمثلون خمس مجموعات عرقية: أمريكيون من أصل أفريقي، وسكان هاواي الأصليون، ولاتينيون، وأمريكيون يابانيون، وأوروبيون أمريكيون. بعد استبعاد المشاركين الذين لم تكتمل بياناتهم، والمصابين بمرض السكري من النوع الثاني عند خط الأساس، والأعراق خارج المجموعات الخمس الرئيسية، بقي 165,383 فردًا للتحليل.

استخدم الباحثون استبيانًا أساسيًا لجمع بيانات حول التركيبة السكانية، ومؤشر كتلة الجسم (BMI)، وحالة التدخين، واستهلاك الكحول، والنشاط البدني، والعادات الغذائية. واستند تحديد العرق إلى ترتيب الأولويات عند الإبلاغ عن أصول مختلطة. تجدر الإشارة إلى أن البيانات المتعلقة بعوامل نمط الحياة جُمعت في البداية، ولم تُحدَّث لتواكب التغيرات مع مرور الوقت.

تم تحديد حالات مرض السكري من النوع الثاني من خلال التشخيصات المبلغ عنها ذاتيًا واستخدام الأدوية وبيانات مطالبات الرعاية الطبية حتى عام 2016. وكان التعرض الأساسي هو LSRI، وهي درجة مركبة (0-4) تمنح نقطة واحدة لكل مما يلي: عدم التدخين حاليًا، وممارسة 150 دقيقة من النشاط المعتدل إلى القوي أسبوعيًا، واستهلاك أقل من 2 (للرجال) أو 1 (للنساء) مشروب كحولي يوميًا، والالتزام بما لا يقل عن 3 من 7 توصيات غذائية للقلب والأوعية الدموية.

وتضمنت هذه التوصيات الغذائية السبعة ما يلي: 3 حصص يوميًا من الفاكهة، 3 حصص يوميًا من الخضراوات، 3 حصص يوميًا من الحبوب الكاملة، حصتين أسبوعيًا من الأسماك، 1.5 حصة يوميًا من الحبوب المكررة (مع التزام 3% فقط من المشاركين بهذا الدليل)، حصة واحدة أسبوعيًا من اللحوم المصنعة (24%)، و1.5 حصة أسبوعيًا من اللحوم الحمراء غير المصنعة (مع التزام 6% فقط).

استخدمت نماذج انحدار كوكس لحساب نسب المخاطر وفترات الثقة، مع مراعاة العمر والتعليم ومؤشر كتلة الجسم. وأُجريت تحليلات للمجموعات الفرعية حسب الجنس والعرق لاستكشاف الاختلافات في ارتباطات خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

نتائج الدراسة

على مدى متوسط متابعة بلغ 17.2 عامًا، أصيب 44,518 مشاركًا (27%) بمرض السكري من النوع الثاني. وكانت أكبر مجموعة عرقية هي الأمريكيون اليابانيون (29%)، يليهم الأمريكيون والأوروبيون (27%)، واللاتينيون (22%)، والأمريكيون الأفارقة (16%)، والسكان الأصليون في هاواي (7%). بلغ متوسط درجة LSRI 2.73، حيث حصل معظم المشاركين على نقطتين أو ثلاث نقاط.

على الرغم من أن 22% فقط من المشاركين استوفوا إرشادات الالتزام الغذائي، إلا أن الالتزام كان أعلى بين مستهلكي الكحول المعتدلين (86%)، يليهم أولئك الذين لم يكونوا مدخنين حاليًا (84%) وأولئك الذين يستوفون توصيات النشاط البدني (81%).

كان الالتزام بمعظم مكونات النظام الغذائي منخفضًا جدًا، باستثناء تناول الأسماك. وللمقارنة، التزم 3% فقط من المشاركين بالتوصية المتعلقة بالحبوب المكررة، و6% فقط باللحوم الحمراء غير المصنعة، مع التزام متوسط بالفواكه (24%)، والخضراوات (22%)، واللحوم المصنعة (24%)، وأعلى نسبة التزام بالأسماك (73%).

ارتبط معدل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عكسيًا بدرجات LSRI. انخفض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لدى المشاركين الذين حصلوا على 4 نقاط بنسبة 16% مقارنةً بمن حصلوا على 0-1 (معدل الخطورة = 0.84؛ فاصل ثقة 95%: 0.80-0.88)، حتى بعد تعديل مؤشر كتلة الجسم. ارتبطت كل زيادة بمقدار نقطة واحدة في LSRI بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 6% (معدل الخطورة = 0.94؛ فاصل ثقة 95%: 0.93-0.95).

بين المكونات الفردية، أظهر الامتناع عن التدخين والكحول وممارسة النشاط البدني الكافي ارتباطًا عكسيًا قويًا بمرض السكري من النوع الثاني في جميع النماذج.

على الرغم من انخفاض الالتزام الغذائي، إلا أنه ارتبط ارتباطًا ضعيفًا بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في النماذج التي تستبعد مؤشر كتلة الجسم، ولكن ليس في النماذج المعدلة بمؤشر كتلة الجسم. أظهرت تحليلات الحساسية باستخدام مُثبِّط إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائي (LSRI) المُكوَّن فقط من التدخين والنشاط البدني ارتباطات عكسية مماثلة أو أقوى بقليل مع مرض السكري من النوع الثاني، مما يشير إلى أن هذين العاملين كانا المحركين الرئيسيين للمؤشر المركب.

عند فحصها عبر مجموعات عرقية مختلفة، ارتبطت درجات LSRI المرتفعة ارتباطًا وثيقًا بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بين الأمريكيين من أصل أفريقي (انخفاض بنسبة 27% لأعلى درجة مقابل لأدنى درجة LSRI)، واللاتينيين (18%)، والأوروبيين الأمريكيين (14%). مع ذلك، لم يُعثر على أي ارتباط ذو دلالة إحصائية بين الأمريكيين اليابانيين أو سكان هاواي الأصليين بعد تعديل مؤشر كتلة الجسم. كان الالتزام بالنشاط البدني أقل بشكل ملحوظ بين اللاتينيين والأمريكيين من أصل أفريقي، بينما كان الالتزام بالنظام الغذائي ضعيفًا بشكل عام في جميع الفئات، حيث تجاوز استهلاك الأسماك 50% فقط.

كان لمؤشر كتلة الجسم ارتباط أقوى بخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني مقارنةً بمثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية. كان المشاركون الذين صُنفوا بالسمنة (مؤشر كتلة الجسم أكثر من 30 كجم/م²) أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بثلاث مرات مقارنةً بمن يتمتعون بوزن طبيعي. كما تباين تأثير مؤشر كتلة الجسم بين المجموعات العرقية، وكان واضحًا بشكل خاص لدى الأمريكيين اليابانيين وسكان هاواي الأصليين، ربما بسبب اختلاف توزيع الدهون الحشوية.

الاستنتاجات

باختصار، تُسلّط هذه الدراسة الضوء على أهمية دمج سلوكيات نمط الحياة القابلة للتعديل، مثل عدم التدخين، والنشاط البدني، واستهلاك الكحول باعتدال، واتباع نظام غذائي صحي، في مقياس مركب لامتصاص السيروتونين الانتقائي (LSRI) لتقييم خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. وقد ارتبط ارتفاع درجة مقياس لامتصاص السيروتونين الانتقائي بانخفاض ملحوظ في معدل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، لا سيما بين المجموعات الأمريكية من أصل أفريقي، واللاتينية، والأوروبية الأمريكية. ومع ذلك، لم يكن لجميع عوامل نمط الحياة نفس التأثير، وكان لمؤشر كتلة الجسم دورٌ أقوى في التنبؤ بخطر الإصابة بمرض السكري.

لم يرتبط LSRI بخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني لدى الأمريكيين اليابانيين أو سكان هاواي الأصليين بعد تعديل مؤشر كتلة الجسم، مما يؤكد أهمية مراعاة الاختلافات الفسيولوجية، مثل توزيع الدهون الحشوية، في تطور مرض السكري من النوع الثاني في هذه المجموعات.

من أهمّ القيود أن مؤشر LSRI يفترض تساوي وزن كل عنصر، مما قد لا يعكس بدقة أهميته الحقيقية لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، كما أن تقييم نمط الحياة لم يقيم إلا عند بداية الدراسة وليس على مدى فترة زمنية. تشير هذه النتائج إلى الحاجة إلى استراتيجيات صحية عامة مُصمّمة حسب الثقافة، تُعزّز تحسينات مستدامة في نمط الحياة، مع معالجة السمنة للحدّ من الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بفعالية لدى مختلف الفئات السكانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى