معلمو الحصة يُهمَّشون رغم سنوات الخدمة

كتب : جمال حشاد
في خطوة أثارت موجة من الاستياء، أعلنت وزارة التربية والتعليم بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة عن مسابقة جديدة لتعيين “المعلم المساعد”، لكن المفاجأة تمثلت في استبعاد عدد كبير من معلمي الحصة بالأجر بسبب شرط السن أو عدم إدراج تخصصاتهم الجامعية ضمن الإعلان، رغم سنوات من الخدمة الطويلة التى عملن بها داخل المدارس الحكومية بالصفوف الأولى.
تهميش الخبرة الميدانية:
أعرب العديد من معلمي الحصة بالأجر عن خيبة أملهم إزاء هذا القرار الذي وصفوه بـ”التهميشي”، مؤكدين أنهم كانوا على خط المواجهة في سد العجز بالتدريس فى المدارس الحكومية لسنوات طويلة، خصوصًا في الصفوف الأولى.
وأشار معلمون آخرون إلى أنهم تلقوا تدريبات من الوزارة، وساهموا في العملية التعليمية بشكل فعال، مطالبين بضرورة الاعتراف بخبراتهم السابقة وفتح المجال أمامهم في المسابقة.
رد التنظيم والإدارة: “الفرص لاحقًا”
من جانبه، أوضح مصدر مسؤول بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة أن شروط المسابقة تم تحديدها وفق خريطة العجز الفعلي في المحافظات، مضيفًا:
> “استبعاد بعض التخصصات لا يعني تجاهلها نهائيًا. أما شرط السن فمرتبط بالقدرة على العطاء، لكن هناك مقترحات تدرس لتوفير مسارات بديلة للفئات التي تمتلك الكفاءة”.
حملة إلكترونية ومعلمون يرفعون الصوت
ردًا على هذا الاستبعاد، أطلق عدد من معلمي الحصة حملة إلكترونية موجهة إلى وزارة التربية والتعليم والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، جاء فيها:
> “نحن معلمو الحصة الذين خدموا الصفوف الأولى، نطالب بإعادة النظر في شروط المسابقة، وتقنين أوضاعنا، وفتح مسارات عادلة للتقييم تراعي الأداء، لا السن أو الشهادة فقط.”
وطالبوا في خطابهم بعدة نقاط أبرزها:
رفع شرط السن حتى ال٥٥ عام أو استثناء من تجاوز السن مادام لديه القدرة على العطاء.
إدراج التخصصات التي ساهمت فعليًا في سد العجزمن امثال: التطوير التكنولوجى والكومبيوتر واللغات الثانية والفلسفة .. ألخ من التخصصات التي لم تدرج.
فتح مسارات لتقنين الأوضاع عبر تقييم مباشر خاصة لأهل الخبرة فى فصول الصفوف الأولى ؛ وهى فصول لا تحتاج معلم ذو نواحي علمية قدر احتياجها لأهل الخبرة فى التعامل مع النشأ من سن ٤: ٩سنوات.
الاعتراف بالخبرات السابقة داخل المدارس وخاصة الذين قضوا سنوات طويلة فى التعامل مع النشأ.
تساؤلات مشروعة: لماذا لا يُثبت من سد العجز فى المدارس بغض النظر عن السن حتى ال٥٥ عام والتخصص ؟؟!
في الوقت الذي تعاني فيه المدارس من عجز متكرر في المعلمين لزيادة اعداد التلاميذ من ناحية وفرد الكثافات داخل الفصول من ناحية أخرى، خاصة في المراحل الأولى، ونسأل السادة المسئولين عن أسباب استبعاد من أثبتوا كفاءتهم فعليًا داخل الفصول.
فرغم أن الوزارة اعتمدت عليهم لسنوات طويلة دون حقوق وظيفية، فإن قرار الاستبعاد الحالي يتجاهل مساهماتهم الجوهرية في استقرار العملية التعليمية، ويطرح علامات استفهام عن أولويات التعيين.
تجارب حية: شهادات من أرض الواقع
يروي “محمود سيد” أحد معلمي الصفوف الأولى، تخصص تطوير تكنولوجى، عمل بالحصة لسنوات:
> “كنا نُكلف بتدريس الصفوف الأولى وسد العجز، قدمنا جهدًا حقيقيًا وتواصلنا مع أولياء الأمور.. واليوم نفاجأ بأن تخصصنا غير مطلوب. لماذا لا تُقنَّن أوضاعنا بدلًا من استبعادنا؟”
ويؤكد متابعون أن هذه الفئة كان يجب أن تكون على رأس أولويات التعيين، لا أن تُقصى بشروط جامدة لا تعكس الواقع الميداني.
الحل المقترح: آلية عادلة للتثبيت
يطالب معلمو الحصة وعدد من المهتمين بالشأن التعليمي بوضع آلية واضحة وعادلة لتقنين أوضاع من خدموا في المدارس الحكومية، مع التركيز على الأداء داخل الفصل، والتدريبات التي حصلوا عليها، وتقييمات تربوية شفافة.
كما يطالبون المسئولين بحقهم فى تناول لقمة العيش بطريقة شريفة وحلال بمراجعة شروط المسابقة وجعلها أكثر مرونة، لتتلاءم مع الواقع وتستوعب التخصصات والخبرات الفعلية المتوفرة داخل المدارس؛ وخاصة فى وجود عجز شديد لمعلمى الصفوف الاولى.
الرهان الحقيقي: الجودة لا تتحقق بالإقصاء
تحقيق جودة التعليم لا يمر عبر تجاهل من ساهموا فيه، بل عبر دعمهم وتثبيتهم لضمان استمرارية الأداء والاستفادة من خبراتهم. فمعلمو الحصة الذين خدموا الصفوف الأولى يمثلون ركيزة أساسية يمكن البناء عليها في خطط التطوير، وليس استبعادهم منها.
ويبقى السؤال المطروح من جريدة “حديث وطن”:
هل تستجيب الجهات الرسمية لتلك الأصوات الناضجة التى تريد أن تعمل كى تكسب لقمة العيش الحلال ؟
أم يبقى معلمو الحصة خارج حسابات الإصلاح التعليمي؟