ديني

المال الحرام بين كسب المنصات والقمار.. كيف يكون التحلل منه؟

د/حمدان محمد
في زمن انتشرت فيه وسائل الكسب السهل، ظهرت منصات رقمية ومراهنات إلكترونية جذبت كثيرًا من الناس، فوقعوا في فخ المال الحرام دون إدراك لعواقبه. ورغم أن بعضهم يرى ذلك مجرد “فرصة للربح”، إلا أن المال المكتسب من هذه الطرق يحمل في طياته شبهة شرعية تستوجب التوقف والتوبة.
لذلك الإسلام وضع ضوابط واضحة للرزق الحلال، وحذَّر من أكل أموال الناس بالباطل. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (النساء: 29). ومن صور المال الباطل القمار، والميسر، وكل كسب يأتي بغير جهد مشروع أو بظلم وخداع.
وقد نهى النبي ﷺ عن الكسب الحرام، فقال: “كل جسد نبت من سحت، فالنار أولى به” (رواه الطبراني). فما بالنا بأموال القمار والمراهنات التي لا تبنى على عمل أو إنتاج، بل تقوم على الحظ والمخاطرة!
وللتوبة من كسب المال الحرام شروط أساسية:
1. الإقلاع عن الفعل المحرم فورًا: فلا يجوز الاستمرار في مصدر الدخل الحرام.
2. الندم على ما مضى: فالتوبة لا تصح دون إحساس صادق بالخطأ.
3. العزم على عدم العودة: فلا معنى للتوبة مع نية الرجوع إلى الكسب الحرام.
4. التخلص من المال الحرام: فمن كان لديه أموال اكتسبها من القمار أو المنصات المحرمة، فعليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها إن أمكن، أو أن ينفقها في مصالح المسلمين، كإعطائها للفقراء أو بناء المرافق العامة، لكن دون نية التصدق بها، لأنها ليست ملكًا له ليُثاب عليها.
وأن الإسلام لم يترك العبد تائهًا بعد التوبة، بل فتح له أبواب الرزق الطيب، ووعده بالخلف والعوض، فقال النبي ﷺ: “إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه” (رواه أحمد). فالعمل الحلال، مهما كان بسيطًا، خيرٌ من المال المشبوه، إذ فيه بركة وطهارة، وراحة للضمير والنفس.
والمال الحرام وإن بدا وفيرًا، فهو ممحوق البركة، وعاقبته وخيمة في الدنيا والآخرة. فلنتذكر دائمًا أن الرزق بيد الله، وأنه سبحانه بارك في القليل الحلال، وجعل فيه الخير الكثير. فليكن سعينا وراء الكسب المشروع، ولنتحرى الحلال في كل درهم نكسبه، فما عند الله خيرٌ وأبقى ولنعلم يقيناً أننا مسؤولون بين يدي الله عز وجل عن هذا المال من أين إكتسبته وفيما أنفقته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى