
كتبت ـ مها سمير
رغم الغضب الدولي والتوتر المتصاعد في العلاقات البريطانية-الإسرائيلية، كشفت صحيفة التايمز عن استمرار تسيير طائرات تجسس تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني فوق قطاع غزة، بهدف دعم إسرائيل في تحديد مواقع الرهائن المحتجزين منذ هجوم 7 أكتوبر 2023.
وأكدت مصادر حكومية بريطانية أن المعلومات الاستخباراتية التي تجمعها طائرات بريطانية، من بينها طائرات Shadow R1، يتم تسليمها إلى الجيش الإسرائيلي لتوفير بيانات دقيقة وفورية عن تحركات الرهائن، وعددهم وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية 49 شخصًا، يُعتقد أن 20 منهم على قيد الحياة، من بينهم إسرائيلي يحمل جنسية بريطانية من جهة والدته.
ورغم امتناع وزارة الدفاع البريطانية عن الكشف عن تفاصيل الطائرات المستخدمة حاليًا في العمليات، أظهرت بيانات تتبع الرحلات أن طائرات Shadow R1 نفذت مئات المهمات الجوية فوق غزة، انطلاقاً من قاعدة RAF Akrotiri في قبرص، قبل أن تعود مؤخرًا إلى المملكة المتحدة.
وتُعد هذه الطائرة من أحدث طائرات المراقبة البريطانية، مزوّدة بتقنيات استشعار متطورة وقدرة عالية على تعقب الأهداف الأرضية ورصد التحركات بدقة، خاصة في المناطق السكنية.
دعم استخباراتي رغم “الغثيان الدبلوماسي”
وبينما تصر وزارة الدفاع البريطانية على أن هذه المهام تهدف فقط لتحديد مواقع الرهائن، يرى خبراء عسكريون أن المعلومات الاستخباراتية التي يتم تمريرها إلى تل أبيب قد تُستخدم كذلك في استهداف عناصر من حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
اللواء البريطاني المتقاعد تشارلي هيربرت قال:
“من السهل القول إن المعلومات تُستخدم فقط للعثور على الرهائن، لكن من الناحية العملية، من المحتمل أن تُستغل أيضاً لأهداف عسكرية أوسع”.
في الوقت ذاته، تتصاعد التوترات بين لندن وتل أبيب، خاصة بعد تعهد الحكومة البريطانية الجديدة، بقيادة حزب العمال، بالاعتراف بدولة فلسطينية إذا لم تتحسن الظروف الإنسانية في قطاع غزة، إضافة إلى فرض عقوبات على وزراء يمينيين في الحكومة الإسرائيلية.
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في تصريحات مثيرة:
“شعرت بالغثيان والاشمئزاز عندما رأيت استهداف الفلسطينيين الجائعين الباحثين عن الطعام… لن نصمت إزاء الجرائم”.
بريطانيا “تراقب بصمت”.. لكن ماذا ترى طائراتها؟
منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، شغّلت بريطانيا طائرات تجسس بشكل شبه يومي فوق القطاع. وبحسب المعلومات، شاركت طائرات Poseidon P8 للدوريات البحرية، وطائرات Rivet Joint المتخصصة في جمع الاتصالات الإلكترونية، في مراقبة الأوضاع على الأرض.
وتطرح هذه المهام تساؤلات حساسة:
هل شهد طيارو الجيش البريطاني الفظائع التي ارتُكبت خلال العمليات العسكرية؟
وهل تبقى الاستخبارات “محايدة” عندما تُشارك مع طرف يواجه اتهامات بانتهاك القانون الدولي الإنساني؟
ورغم تلك التساؤلات، لا تزال بريطانيا تحلّق فوق غزة، بين الرهائن والركام، في مشهد يثير الكثير من الجدل الأخلاقي والسياسي.