د. إيمان بشير ابوكبدة
أثار تقرير حديث من منصة “تيك توك” حول الأعداد الهائلة للحسابات والفيديوهات المحذوفة، تساؤلات في مصر بشأن إمكانية حل الأزمة المتفاقمة حول استخدامات التطبيق، بعد توقيف وإحالة عدد من مشاهيره للنيابة بتهم “نشر مقاطع خادشة للحياء” و”التربح غير المشروع”.
ووفقًا لتقرير “إنفاذ إرشادات المجتمع” للربع الأول من العام الحالي، حذفت “تيك توك” أكثر من 16.5 مليون فيديو مخالف، وأوقفت أكثر من 19 مليون بث مباشر على مستوى العالم، بزيادة بلغت 50% عن العام الماضي.
وأكدت المنصة أن الالتزام بإرشاداتها هو أولوية، حيث أوقفت بشكل استباقي 1.5 مليون بث مباشر في مصر، والإمارات، والعراق، ولبنان، والمغرب، وحظرت أكثر من 849 ألف مضيف بث مباشر في هذه الدول خلال نفس الفترة.
من جانبها، أكدت وكيلة لجنة الاتصالات بالبرلمان، مارثا محروس، على ضرورة التزام التطبيقات بالقيم المجتمعية، مشيرة إلى القلق المتزايد من “المحتوى غير المنضبط”.
ويرى خبير تكنولوجيا المعلومات، إسلام غانم، أن هذه الأعداد الكبيرة من المحتوى المحذوف ترتبط بالقيم المجتمعية التي تتبناها المنصة، والتي قد لا تناسب الدول العربية. وأوضح أن معظم عمليات الحذف تتم بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تركز على “التعري” أو بعض الكلمات المخالفة.
وذكر التقرير أن “تيك توك” تعتمد على مزيج من الأنظمة الآلية والمراجعة البشرية لتطبيق إرشاداتها، مع إعطاء المستخدمين حق الاستئناف.
في الربع الأول من عام 2025، أزالت المنصة 2.9 مليون فيديو في مصر وحدها، بمعدل إزالة استباقي بلغ 99.6%، حيث تم رصد وحذف المحتوى المخالف قبل أن يتم الإبلاغ عنه من قبل المستخدمين. كما أزالت 94.3% من المحتوى المخالف في أقل من 24 ساعة، وحظرت مئات الآلاف من مضيفي البث المباشر.
ويشير خبير الإعلام الرقمي، خالد البرماوي، إلى أن مصر والعراق تستحوذان على نحو 30% من عمليات الحذف، وهي نسبة كبيرة تثير التساؤلات حول الآليات المتبعة للتعامل مع المخالفات.
وأضاف البرماوي أن التحدي الأكبر يكمن في صعوبة التحكم في محتوى البث المباشر، بالإضافة إلى غموض مفهوم “قيم الأسرة المصرية” المنصوص عليه في قانون جرائم الإنترنت، والذي يمكن أن يختلف من شخص لآخر.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أوقفت مؤخرًا نحو 8 من مشاهير “تيك توك” بتهم مختلفة، إثر بلاغات تتهمهم بالإساءة لـ”قيم الأسرة المصرية”.
وفي هذا السياق، أكدت وكيلة لجنة الاتصالات أن الإجراءات الأمنية جاءت بسبب “تجاوز بعض صانعي المحتوى للخطوط الحمراء”، وأنها تهدف لتطبيق القانون وليس تقييد حرية الإبداع.
وقد منحت اللجنة مسؤولي “تيك توك” مهلة 3 أشهر لتوفيق أوضاعهم والتعامل مع المخالفات، وإلا سيتم حجب التطبيق.
يتفق الخبراء على أن حجب التطبيق ليس الحل، بل يجب الاتفاق على قواعد قابلة للتطبيق في مصر، مع تحديد أدوات رقابية وفرض غرامات على المخالفين.

1 تعليق
شكراً للكاتب على هذا المقال الرائع