نَجْدَه محمّد رِضا
يُعَدُّ نبات الخُزامَى، أو كما يُعرَف في بعض الدول باسم اللافندر (Lavender)، من أروع النباتات العطرية التي أسرت الإنسان برائحته الهادئة وجمال لونه البنفسجي الساحر.
استخدمته الحضارات القديمة في الطب والعطور، وما يزال حتى اليوم يحتفظ بمكانته بين النباتات الأكثر طلبًا في العالم.
أصل النبتة وانتشارها
ينتمي نبات الخزامى إلى فصيلة الشفويّات (Lamiaceae)، ويُعد موطنه الأصلي منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط. وقد انتشرت زراعته لاحقًا في مناطق واسعة من أوروبا، وشمال إفريقيا، وآسيا، والأمريكيتين بفضل قدرته على التكيّف مع البيئات المعتدلة والجافة.
ويُزرع الخزامى بكثرة في فرنسا (خصوصًا منطقة بروفانس) التي تُعَدّ عاصمة زراعته عالميًّا، وكذلك في إسبانيا، وإيطاليا، وبلغاريا، وتركيا، والمغرب، ومصر، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وأستراليا.
بيئة الزراعة المثالية
يحتاج الخزامى إلى تربة خفيفة جيدة التصريف، ويفضّل المناطق المشمسة ذات المناخ المعتدل.
ويتكاثر عادةً بالعُقَل أو بالبذور، ويُروى باعتدال، إذ إن الإفراط في المياه قد يؤدي إلى تعفّن الجذور.
ويُنصَح بتقليم النبات بعد موسم الإزهار للحفاظ على شكله وتشجيع نموّه من جديد.
أما حصاده فيكون عندما تبدأ الأزهار في التفتح الكامل حيث تبلغ الزيوت العطرية ذروتها.
أنواعه الرئيسة
توجد أنواع كثيرة من الخزامى، أهمها:
الخزامى الحقيقي (Lavandula angustifolia)
وهو الأشهر والأغلى ثمنًا نظرًا لجودة زيته العطري.
الخزامى الهجين (Lavandula × intermedia)
يُزرع بكثرة لإنتاج الزيت بكميات كبيرة لأغراض صناعية.
الخزامى الإسباني (Lavandula stoechas)
يتميّز بأزهاره ذات القمم البنفسجية الجميلة ويُزرع لأغراض الزينة والعطور.
استخدامات الخُزامى
يُستخدَم نبات الخزامى في مجالاتٍ متعددة، منها:
1. صناعة العطور ومستحضرات التجميل:
تُستخرج من أزهاره زيوتٌ عطرية تدخل في صناعة العطور العالمية، والصابون، والكريمات، والشامبو.
2. الطب الشعبي والعلاج الطبيعي:
يُستعمل الخزامى في العلاج بالروائح (Aromatherapy) للمساعدة على الاسترخاء وتحسين جودة النوم، كما يُعتقد أن له تأثيرًا مهدئًا في حالات التوتر والقلق، مع ضرورة استشارة الطبيب قبل أي استخدام طبي مباشر.
3. الطهي وإنتاج العسل:
تُستعمل أزهار الخزامى المجفّفة في بعض أنواع الشاي والحلويات والمربّيات، وينتج النحل الذي يتغذى على أزهاره عسلًا ذا رائحة فريدة وطعم مميّز.
4. الاستخدام المنزلي والزخرفي:
تُستعمل زهور الخزامى المجفّفة في تعطير الملابس وطرد الحشرات، كما تُزرع في الحدائق لتزيينها وإضفاء لمسةٍ من الجمال والسكينة.
استخراج الزيت العطري
تُستخرج زيوت الخزامى العطرية بوساطة التقطير بالبخار، وهي الطريقة الأكثر شيوعًا. وتُعتبر جودة الزيت رهينة بعواملٍ عدّة، أهمها نوع النبات، ووقت الحصاد، وطريقة التقطير.
ويُستعمل الزيت المستخرج في الصناعات العطرية والطبية، وتُعَدُّ فرنسا وبلغاريا من أكبر الدول المصدّرة له في العالم.
أسماؤه في بعض الدول
يُعرف الخزامى بأسماء متعدّدة باختلاف الدول واللغات:
العربية: الخُزامَى اللافندر الأسطوخودوس(في التراث القديم).
الإنجليزية: Lavender.
الفرنسية: Lavande.
الإسبانية والإيطالية: Lavanda.
التركية: Lavanta.
اليونانية: Levanta.
البلغارية: Lavandula.
وقد أصبح اسم “لافندر” متداولًا عالميًّا بفضل انتشاره في الصناعات الحديثة.
القيمة الاقتصادية والتحدّيات
يُعَدّ الخزامى من المحاصيل ذات القيمة الاقتصادية العالية، إذ يُستفاد منه في إنتاج الزيوت العطرية، والعطور، ومستحضرات التجميل، والعسل، مما يجعله من النباتات الربحية للمزارعين.
إلّا أنّ زراعته تواجه بعض التحدّيات مثل تغيّر المناخ، والأمراض الفطرية، وتقلب أسعار الأسواق العالمية وهو ما يستدعي تطوير أساليب الزراعة الحديثة للحفاظ على جودة المحصول واستدامته.
الخزامى في عيون السائحين
تحوّلت حقول الخزامى، خصوصًا في منطقة بروفانس الفرنسية، إلى مقاصد سياحية عالمية. يأتيها الزوّار لالتقاط الصور بين السهول البنفسجية المترامية وشراء منتجات محلية من الزيوت والعطور، مما جعلها رمزًا للجمال الطبيعي والهدوء النفسي.
يبقى نبات الخزامى زهرةً تجمع بين الرائحة العطرة، والمنفعة الاقتصادية، والجمال الطبيعي.
من ضفاف المتوسط إلى الحقول الأوروبية والحدائق العربية، يظل الخزامى رمزًا للسكون والنقاء والعطر الخالد، ونموذجًا فريدًا على تزاوج الطبيعة والاقتصاد.
