
د/محمد فؤاد منصور
هل خامرك من قبل شعور الميت الحي ؟!
قد تسأل وهل يكون الميت حياً ليشعر؟! ..
نعم
تموت حياً حين تعيش وحدك
حين تشعر في نهاية العمر أن الحياة لاقيمة لها
وأن كل المشاعر كاذبة
وكل المبادئ زائفة ..
حين لاتجد مبرراً لأن تبتسم
بينما تجد ألف مبرر لكي تبكي
حين تضطر لأن تقول إنك آسف عن أشياء لم تقم بها .
أو قمت بها وأسئ فهمها ..
لأنك لم تعد مفهوماً كأنك لغز
كأنك أصبحت خارج الزمن
أو خارج الحسابات
أو خارج الاثنين
حين تضطرك الظروف لأن تختفي عن العيون
لأن وجودك أصبح مزعجاً أو مملاً
فلايحسب أحد حسابك
ولايقيم لك وزناً
حين تصبح مثل خيل البلدية
لاتحمل.. ولاتجر
فقط تنتظر رصاصة الرحمة
حين تداري عنهم أوجاعك وتخفي عنهم آلامك
تبكي وحدك وتتألم وحدك ..
تمرض وحدك ..
وتشفى وحدك
وتخفي عنهم خيباتك
وتعلن أن هزائمك هي في حقيقتها انتصارات
حتى لايمصمصون شفاههم رثاءً لحالك
أو يلوكون سيرتك في ظهرك
يلعنون غباءك
ويحمدون الله أنهم بمنجاة منه
فقد صرت أنت والعدم سواء
أو يتخذون مجلس القاضي الواعظ فيمطرونك بنصائحهم وتوجيهاتهم .
تموت حين لاتصبح جزءاً من همهم اليومي ..
لاينتظرونك .. ولايفتقدونك
ولايشعرون بك .. صحيحاً أو عليلاً لافرق ..
حاضراً أو غائباً لافرق ..
فمكانك قد أخذه غيرك وصرت حملاً زائداً على الذاكرة ..
تموت حين يصبح ظهورك في حياة من أحببت عودة إلى ماض تم تجاوزه
وذكريات سخيفة يجترونها كمايجترون العيش البايت ..
أو الطعام منتهي الصلاحية ..
رجوع للخلف .. ونكوص عن التقدم للأمام ..
يصير وجودك معوقاً
قعود في وقت الوقوف
ومشي في زمن الجري
وتردي في زمن القفز .
تموت حين تتحول سيرتك إلى ذكرى يتسلون بها وبنوادرها ولاينتظرون جديدها ولايعنيهم ذلك .
تموت حياً
أو تحيا ميتاً
لافرق .
—-
#M_M