أماني إمام
يُعد الموسيقار الكبير رياض السنباطي واحداً من أهم رموز الموسيقى العربية في القرن العشرين، حيث ترك بصمة خالدة في مسيرته الفنية التي امتدت لسنوات طويلة تعاون خلالها مع كبار المطربين في العالم العربي، وفي مقدمتهم كوكب الشرق أم كلثوم. وفي ذكرى رحيله الموافق 10 سبتمبر، نستعرض أبرز محطات مشواره الفني وأهم إسهاماته في السينما المصرية.
من البدايات إلى العالمية
نشأ السنباطي محباً للموسيقى منذ طفولته، إذ كان والده يمتلك فرقة غنائية للموالد والأفراح، فتعلّم العزف والغناء من خلالها حتى أصبح مطرب الفرقة الأول. وبفضل موهبته الفذة، انتقل إلى القاهرة والتحق بـ معهد الموسيقى العربية، حيث أدهش الأساتذة هناك ليُعيَّن مدرساً لآلة العود. لكنه قرر لاحقاً التفرغ للتلحين، ليصوغ ألحاناً خالدة لعدد كبير من الأصوات العربية.
وفي عام 1977، حصد السنباطي جائزة اليونسكو العالمية، ليكون الموسيقي العربي الوحيد الذي نال هذا التكريم، باعتباره لم يتأثر بالموسيقى الأجنبية، بل استطاع أن يقدّم فناً عربياً أصيلاً أثّر في ثقافات تمتلك تاريخاً حضارياً عريقاً.
نجاحه مع أم كلثوم
رغم تعاون السنباطي مع أسماء بارزة مثل صالح عبد الحي وعبد الغني السيد، إلا أن ذروة مجده الفني تجسدت في شراكته مع أم كلثوم. فقد بدأ تعاونهما عام 1935 بأغنية “على بلد المحبوب” التي لاقت نجاحاً كبيراً، لتتواصل رحلتهما معاً بما يزيد عن تسعين لحناً. ومن أبرز أعماله مع كوكب الشرق رائعة “الأطلال” التي اعتبرها النقاد تاج الأغنية العربية عند طرحها عام 1966، فيما كان آخر ألحانه لها عام 1972 بأغنية “القلب يعشق كل جميل”.
بصماته في السينما
لم يقتصر عطاء السنباطي على الحفلات والأغاني، بل امتد إلى السينما حيث أدرك مبكراً أهميتها كجسر يصل فنه إلى الجمهور. وضع ألحاناً لأكثر من 80 فيلماً على مدى أربعة عقود، بدايةً من فيلم “وداد” مع أم كلثوم عام 1936. كما تعاون مع كبار النجوم مثل ليلى مراد التي قدّم لها موسيقى عدد من أفلامها الشهيرة، ومنها: في ليلة ممطرة، ليلى بنت مدارس، ليلى بنت الريف، شهداء الغرام، ليلى بنت الفقراء، ليلى بنت الأغنياء، ضربة القدر، حبيب الروح.
بهذه المسيرة الغنية، رسّخ رياض السنباطي مكانته كأحد أعمدة الموسيقى العربية، موسيقياً متفرداً جمع بين الأصالة والابتكار، وترك إرثاً فنياً يظل حياً في وجدان الأجيال.
