كتبت ..دارين محمود
نحن هنا، نتأرجح في فلكٍ رُسمت حدوده قبل أن نعي. دوائر القدر، دوائر الوراثة، دوائر البدايات التي لم نمسك بزمام خيوطها.
لسنا مخيَّرين لما يدور في دوائرنا الأولى. لسنا من اختار المكان، ولا الزمان، ولا الوجوه التي استقبلتنا. تُلقى بنا الأقدار في منتصف المشهد، ونبدأ الرحلة محمَّلين بأمتعة لم نرتبها نحن.
نعم، تهب الرياح على سفننا دون استئذان، وتتغير التضاريس تحت أقدامنا ونحن ما زلنا نحبو. تلك هي حقيقة الجبر الخفي الذي يحيط بالفطرة.
ولكن…
يظل هناك متَّسعٌ للاختيار في قلب هذه الدوائر. ليس في الوجود ذاته، بل في كيفية التعامل معه.
أن نختار كيف ننظر إلى الدائرة: هل هي سجن، أم نقطة انطلاق؟
أن نختار كيف نرد على الدوران: هل نستسلم للتيار، أم نصنع مجدافنا الخاص؟
أن نختار كيف نصنع دوائرنا الداخلية: دوائر الأمل، والمقاومة، والسلام الداخلي.
قد لا نملك تغيير الدوائر الخارجية، لكننا نملك تلوين دوائرنا الخاصة، وتشكيل رد فعلنا تجاه ما لا نستطيع تغييره. وفي هذا الفعل وحده، تكمن الحرية الحقيقية للإنسان.
الاختيار ليس في الدائرة، بل في القفز من مركزها إلى هامشها الذي نصنعه بإرادتنا.
