في منزل بسيط تتخلله رائحة الكنافة وقمر الدين، جلست أمينة على أريكتها، في اليوم الثامن من رمضان ممسكة بهاتفها المحمول، وعيناها معلقتان بالشاشة كما لو كانت تنتظر خبرًا مصيريًا. لم تكن تتابع أخبار البورصة، ولا تنتظر مكالمة من البنك لإبلاغها بجائزة مليونية – لا، بل كانت تنتظر اتصالاً من برنامج “مدفع رمضان” الشهير، الذي يمنح جوائز ضخمة لمن يجيب على السؤال الصحيح.
دخل سي السيد إلى الغرفة، فوجَدَ أمينة في حالة تأهب قصوى، فرفع حاجبًا في حيرة:
– “إنتي قاعدة كده ليه؟ شكلك مستنية حاجة!”
ردت أمينة وهي تبتلع ريقها: “أيوه يا سي السيد، مستنية مكالمة من مدفع رمضان.. لو كسبت، هعمل بوتوكس !”
كاد الرجل يُغمى عليه. عمرة؟ الجائزة لم تُعلَن بعد، والسؤال لم يُطرح، ومع ذلك، أمينة واثقة أنها ستربح!
– “وإنتي متأكدة إنهم هيكلموكي؟ يعني أنتي سجلتي في البرنامج؟”
– “لأ، بس حاسة بيهم.. أنا عندي فراسة!”
هنا أيقن سي السيد أن أمينة قد دخلت في دوامة الوهم الرمضاني، وهي ظاهرة تصيب بعض المواطنين في الشهر الكريم، تجعلهم يظنون أن الحظ سيبتسم لهم أخيرًا.
لحظات الترقب والمفاجأة الكبرى!
ظلّت أمينة تحدق في الهاتف حتى كادت أن تثقب الشاشة بعينيها، كلما رنَّ جرسٌ في الحي، قفز قلبها اعتقادًا بأن المكالمة قد حانت. حتى عندما اتصل بها جارها يسأل عن طبق الفتة، ردت عليه قائلة: “هل أنت من مدفع رمضان؟”
سي السيد : برنامج “مدفع رمضان” يحقق أرباحًا كبيرة من الإعلانات، المكالمات المدفوعة، وزيادة المشاهدات، إضافة إلى بيع حقوقه لمحطات أخرى، بينما تأتي الجوائز غالبًا من الشركات الراعية للدعاية، او من مشاركتك بالإتصال ما يجعله مستفيدًا دائمًا.
أمينة تستمع دون اهتمام وفي اللحظة الحاسمة، دقّ الهاتف! ارتجفت يداها، ضغطت على زر الإجابة بلهفة، وسمعت صوتًا جهوريًا يقول:
“ألووو.. معانا أمينة؟”
“أيوه.. أيوه! أنا أمينة! أنا كسبت؟”
“معاكِ عامل الدليفري، انزلي خدي الطلب!”
وهكذا، سقط حلم أمينة في براثن الواقع، وظلت تنتظر مدفع رمضان الحقيقي الذي يعلن الإفطار، وليس الجائزة!