د. إيمان بشير ابوكبدة
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في 11 نوفمبر المقبل، يبرز الحضور النسائي المتزايد على الساحة السياسية، بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن تسجيل 2235 مرشحة. الرقم يعكس رغبة النساء في الانخراط بالعمل السياسي والمنافسة على المقاعد النيابية، لكنه يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذا التوسع على تحقيق تأثير حقيقي في صنع القرار.
رغم أهمية المشاركة النسائية كأحد مؤشرات التطور الديمقراطي، إلا أن الواقع العراقي يشهد فجوة بين الكم والنوع. فزيادة عدد المرشحات لا تعني بالضرورة قدرة المرأة على تحقيق إنجازات ملموسة أو التأثير في التشريعات.
وعي متزايد أم تكرار للتجربة؟
تقول الناخبة زهور الداوودي: “الكثير من النساء يترشحن للانتخابات، لكن المهم هو الكفاءة لا العدد. نريد من تمثلنا أن تدافع عن حقوق المرأة والمجتمع، لا مجرد حضور رمزي”.
وتشير إلى أن نظام “الكوتا” النسائية، رغم ضمانه لمقاعد محددة، يحد من استقلالية المرشحات ويجعل تأثيرهن مرتبطاً بالكتل السياسية التي وصلن عبرها إلى البرلمان.
تحديات الأداء والتأثير
توضح الناشطة المدنية رؤى خلف أن التجارب السابقة لم تشهد مبادرات فعالة لدعم حقوق المرأة. تقول: “العدد الكبير من المرشحات قد يؤدي إلى تشتيت الأصوات، ويقلل فرص وصول الكفاءات الحقيقية إلى البرلمان”. وتضيف أن بعض النائبات لم يبدين رغبة في الانضمام إلى لجان تتعلق بالمرأة والطفل، ما يعكس غياب الإرادة المستقلة لدى البعض.
طريق التمكين
يرى مراقبون أن زيادة عدد المرشحات خطوة إيجابية، لكنها بحاجة إلى برامج واضحة تعكس احتياجات النساء والمجتمع. فالمشاركة الفاعلة تُقاس بقدرة المرأة على التأثير في صياغة القوانين، وليس بمجرد عدد المقاعد التي تشغلها. وتواجه المرشحات تحديات مالية واجتماعية وثقافية، فضلاً عن الخطاب الذكوري المسيطر على البيئة السياسية.
أصوات نسائية تطالب بالتغيير
تقول المرشحة نيران الزهاوي عن “تحالف البديل”: “دخول المرأة إلى السياسة يجب أن يترجم إلى تشريعات أكثر عدلاً، تشمل الاقتصاد وقوانين الطفل والأحوال الشخصية، لضمان بيئة قانونية أكثر إنصافاً”. وتضيف: “المرحلة المقبلة تتطلب حضوراً نسوياً مؤثراً، وصوت المرأة في البرلمان يجب أن يكون شريكاً في بناء الدولة، لا مجرد مكمل”.
تمكين يحتاج إلى إرادة
تؤكد الخبراء أن التمكين لا يقتصر على الأعداد، بل على جودة الأداء. التجارب السابقة أظهرت ضعف التأثير النسائي داخل البرلمان، ما أثر على حقوق النساء والمساواة. وتعزيز دور المرأة يتطلب بيئة انتخابية عادلة ودعماً للكفاءات بعيداً عن تأثير المال السياسي والعشائرية.
اختبار جديد للتمثيل النسائي
في ظل الطموح والتحديات، تبقى الانتخابات المقبلة اختباراً حقيقياً لقدرة المرأة على إثبات حضورها في صنع القرار، ليس فقط كمرشحة، بل كصاحبة مشروع يسعى لتغيير واقع النساء في العراق. المرحلة المقبلة قد تكون فرصة لإعادة بناء الثقة بين الناخبات والمرشحات وإطلاق تجربة نسائية أكثر نضجاً وفاعلية في الحياة السياسية.
