دارين محمود
أصبح المشهد التعليمي اليوم يرتكز بشكل كبير على منظومة متكاملة لا تكتفي بـالاختبارات الشهرية التقليدية، بل تتسع لتشمل مجموعة من التقييمات المستمرة، لتشكل معاً جسرًا يهدف إلى قياس مستوى الطالب وتطوير العملية التعليمية بأكملها. هذا التنوع في الأدوات يمثل تحولاً نوعيًا نحو تقويم أكثر شمولية ودورية.
أهمية التقييمات المستمرة (أعمال السنة)
التقييمات، التي غالبًا ما تُطلق عليها “أعمال السنة” أو التقييمات الأسبوعية، هي عملية جمع بيانات مستمرة لفهم حالة الطالب وتحديد مستواه التحصيلي والسلوكي. وتتجلى أهميتها في النقاط التالية:
* قياس الأداء اليومي: تضمن هذه التقييمات متابعة مستوى الطالب بصفة دورية ومستمرة داخل الحصة، وتشمل تقييمات قصيرة، وسلوك الطالب، ومواظبته على الواجبات وكشكول الحضور.
* تشخيص وعلاج: تساعد المعلم على تشخيص نقاط القوة والضعف لدى الطالب أولاً بأول، مما يتيح له تعديل استراتيجيات التدريس لتقوية نقاط الضعف قبل تراكمها.
* تحسين المهارات: تركز بعض هذه التقييمات على مهارات أساسية مثل القراءة والكتابة والحساب، خاصة في المراحل الأولى، مما يعالج أي ضعف قد يظهر مبكرًا.
* جذب الطلاب للحضور: يعمل نظام التقييم المستمر كآلية لتحفيز الطلاب على الانتظام في الحضور والتفاعل داخل الفصل، حيث تُخصص له درجات ضمن أعمال السنة.
* الشمولية في التقييم: تتجاوز التقييمات مجرد الجانب المعرفي لتقيس السلوك والانضباط والمشاركة في الأنشطة والمشروعات التفاعلية، مما يعزز فكرة الطالب المتكامل.
دور الاختبارات الشهرية
تعتبر الاختبارات الشهرية جزءًا أساسيًا من التقييم، ولكنها تمثل نوعًا محددًا منه. وتهدف هذه الاختبارات إلى:
* قياس التحصيل المرحلي: تهدف بشكل رئيسي إلى قياس مدى استيعاب الطالب لأجزاء معينة ومحددة من المنهج تم تدريسها خلال شهر أو فترة زمنية محددة.
* تحديد المستوى المعرفي: تساعد في الوقوف على حقيقة المستوى العلمي والمعرفي للطالب في مقرر دراسي محدد، وتساهم في إعداد نماذج تقييمية مشابهة للامتحانات النهائية، خاصة في المراحل المتقدمة.
* توزيع الدرجات: تخصص لها نسبة محددة من مجموع درجات المادة النهائية (مثل 10% إلى 15% لكل اختبار شهري)، مما يجعلها عنصراً مهماً في التقييم النهائي للطالب.
التوازن المنشود: نحو تعليم شمولي
إن الجمع بين التقييمات الأسبوعية المستمرة والاختبارات الشهرية الدورية يهدف إلى خلق نظام تعليمي متكامل لا يقتصر على قياس الحفظ والتذكر في نهاية الفصل، بل يتابع نمو الطالب المعرفي والمهاري والسلوكي على مدار العام الدراسي. هذا التوازن يحول العملية التعليمية إلى عملية تشخيصية وعلاجية وقائية، بدلًا من كونها مجرد عملية إصدار حكم نهائي.
الهدف الأسمى لهذا النظام ليس تعقيد عملية التعلم، بل تطوير قدرات ومهارات الطالب، ومعالجة أي فجوات تعليمية قد تظهر، لضمان جودة المخرجات التعليمية التي تركز على الفهم والتفكير النقدي بدلاً من مجرد الحفظ.
