كتب… أحمد رشدي
أنا:
رأيت في عينيك بريقًا غريبًا اليوم…
كأنك عُدت من سفرٍ طويل.
أين كنت؟
هو (بابتسامة هادئة):
كنت غائبًا عن نفسي…
وعن ربّي.
ولم أعد إلا حين ضاق كل طريقٍ بي، إلا طريقه.
أنا:
أتقصد أنك تبت؟
كنت أظنك بعيدًا عن كل هذا الحديث!
هو:
كنت أظنّ أني حرٌّ بما أفعل،
فإذا بي أسيرٌ لشهوتي، مقيّدٌ بما أحب.
ظننت أن الله غاضبٌ منّي،
فاكتشفت أنه كان ينتظرني بصبرٍ لا يشبه صبر البشر.
أنا:
وكيف وجدت الطريق إليه بعد كل هذا الضياع؟
هو:
ما وجدت الطريق،
بل الطريق هو من وجدني.
كل سقوطٍ كنت أظنه هلاكًا،
كان في الحقيقة يدًا خفيّة ترفعني من حيث لا أدري.
حتى ذنبي… صار دليلًا على حاجتي إليه.
أنا:
أتعني أن الذنب كان باب التوبة؟
هو:
نعم، الذنب الذي أبكاني هو نفسه الذي علّمني معنى القرب.
كنت أصلي بجسدي، واليوم أصلي بقلبي.
كنت أطلب الغفران خوفًا، واليوم أطلبه حبًّا.
أنا:
وكيف تشعر الآن؟
هو:
كمن وُلد من جديد.
ليس لأنني أصبحت بلا خطايا،
بل لأنني صرت أراها بوضوح.
كنت أهرب من الله، واليوم أهرب إليه.
أنا (متأملًا):
سبحان من يبدّل الخطيئة إلى بصيرة،
والبعد إلى قرب.
لقد كنتَ في الظل،
والآن صرتَ نورًا يُذكّرني بالرجوع.
هو:
ولعلّك تعود أنت أيضًا، قبل أن يذكّرك الله بما يوجعك لتقترب.
التوبة ليست للذين أسرفوا فقط،
بل لكل من أراد أن يكون أقرب.
أنا (بصوت خافت):
علّمتني اليوم أن الله لا ينتظر الكمال من عباده…
بل ينتظر عودتهم.
هو (مبتسمًا):
تمامًا… يكفي أن تطرق الباب،
فالله لا يُغلقه أبدًا.
