مقالات

أمينة والبوتوكس.. الثورة التي فشلت !

بقلم السيد عيد

في مساء اليوم العاشر من رمضان جلست أمينة أمام المرآة تتأمل وجهها بقلق، وكأنها تُراجع تقريرًا استخباراتيًا يكشف عن مؤامرة تجاعيدية ضد شبابها! كانت التجاعيد تتسلل بهدوء كما تتسلل الزيادات في الأسعار، وبدأت تدرك أن الوضع بحاجة إلى إصلاح عاجل!بينما كان سي السيد يحتسي الشاى بعد الفطار بطمأنينة مسؤول حكومي لا يعرف سوى جملة “الأوضاع مستقرة”، قررت أمينة أن تعلن قرارها المصيري:

“أنا قررت أعمل بوتوكس!”لم يكن رد فعل سي السيد مختلفًا عن رد فعل أي مسؤول يُفاجاء بمظاهرة فنهض فجاءة وضع كوب الشاي بعنف، وحدق فيها قائلًا:

“بوتوكس إيه يا أمينة؟ هو إحنا فاضيين للكلام الفاضي؟!”لكن أمينة لم تكن تسمع، فقد اتخذت القرار، ولن يوقفها أي خطاب رسمي عن أهمية تقبل الواقع!حقن التغيير.. حينما تصبح المعارضة بلا ملامح!في العيادة، جلست أمينة أمام الطبيب وكأنها تُعد العدة لثورة جمالية، وقالت بثقة:“دكتور، عايزة ملامح جديدة تناسب العصر الحديث!”

“دكتور، عايزة جسم هيفاء وملامح أنجلينا!”نظر إليها الطبيب كما ينظر خبير اقتصادي إلى مواطن يطلب قرضًا بدون ضمانات، ثم بدأ في الحقن. وبعد دقائق، خرجت أمينة إلى العالم بوجه مشدود كوعود الإصلاحات التي لا تتحقق!ولكن، عندما فتحت الباب، نظر إليها سي السيد بذهول، ثم قال بحذر:“إنتي مالك؟ في حاجة غلط؟”“أنا حلوة، مش كده؟” قالتها أمينة بحماس، لكن وجهها ظل جامدًا كبيان حكومي بعد أزمة سياسية!“إنتي زعلانة؟” سألها بحذر. “لأ، أنا في قمة سعادتي!” ردّت، لكن بدون أي تعبير يوحي بذلك، تمامًا مثل تصريحات المسؤولين عن ارتفاع الأسعار: “الاقتصاد بخير!”في هذه اللحظة، أدرك سي السيد أنه فقد قدرته على تحليل الوضع، فكل شيء يبدو هادئًا من الخارج، لكن لا أحد يعرف متى ستنفجر الأزمة!عودة المعارضة.. وسقوط النظام التجميدي!بعد أيام، بدأ مفعول البوتوكس يتلاشى كما تتلاشى الشعارات الانتخابية بعد الفوز، وعادت تعابير أمينة شيئًا فشيئًا، وظهر أول مؤشر على سقوط النظام الجديد عندما تمكنت أخيرًا من رفع حاجبها الأيسر بنظرة صارمة بعد أن نسي سي السيد شراء الخبز!وهنا، شعر سي السيد بارتياح، فقد عاد ميزان القوى إلى طبيعته، وعادت قدرة المواطن على التعبير بوضوح بعد فترة من القمع التجميدي!أما أمينة، فقد أدركت أن المشكلة لم تكن التجاعيد، بل أنها كانت تحاول التغيير في نظام قديم لا يتقبل التجديد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى