بقلم: نهاد عادل
في عالم الأمثال الشعبية كثيرًا ما نجد حكمًا تختصر تجارب الناس وتعكس نظرتهم إلى الحياة وما تحمله من مفارقات ومن بين تلك الأمثال المتداولة في المجتمعات العربية يبرز المثل الشهير: «اتلمّ المتعوس على خايب الرجا»، الذي يجمع بين السخرية والواقعية في وصف حال شخصين سيئي الحظ حين تجمعهما الظروف في نقطة واحدة لتزداد الأمور سوءًا بدل أن تنفرج.
يُستخدم هذا المثل عادة للإشارة إلى اجتماع شخصين لا يمكن الاعتماد عليهما أو اثنين يحملان من النحس ما يكفي لإحباط أي محاولة للنجاح. فـ«المتعوس» هو ذاك الذي يطارده سوء الطالع أينما ذهب لا يظفر بخير ولا يخرج من أزمة إلا ليدخل في أخرى.
أما «خايب الرجا»، فهو الشخص الذي فقد الآخرون الأمل فيه فلا يؤتمن على قول ولا يعتمد عليه في فعل مهما حاول أو وعد.
ويذهب المثل أبعد من مجرد الوصف إذ يعكس نظرة المجتمع إلى تأثير البيئة فعندما يلتقي صديقان يتشاركان سوء الحظ يصبح كل منهما مرآة للآخر في الفشل وكأن القدر يصرّ على أن يجمعهما في دوامة واحدة من الإخفاقات. أحدهما متعوس تطارده النكبات والآخر خايب رجا تتبخر أمنياته مهما سعى لتحقيقها.
ورغم الطابع الساخر للمثل فإنه يحمل في طياته رسالة اجتماعية واضحة فاختيار الرفقة قد ينعكس على مجرى الحياة والاقتراب من الأشخاص السلبيين أو عديمي الحيلة قد يزيد الأمور تعقيدًا ويضاعف التحديات. وفي الوقت نفسه يشير المثل إلى الجانب الإنساني من التعامل مع الضعف والإخفاق إذ يعكس واقعًا يعيشه كثيرون دون أن يشعروا.
هكذا يبقى «اتلمّ المتعوس على خايب الرجا» شاهدًا على قدرة الموروث الشعبي في تلخيص تجارب الناس وتقديمها في عبارات قصيرة تحمل الكثير من المعاني وتُستخدم اليوم كما كانت تُستخدم في الماضي كلما اجتمع شخصان كان حظهما العاثر كافيًا لصناعة قصة لا تنتهي.
