439
بقلم : أحمد رشدى
الغياب…
ليس هو الباب المغلق،
ولا الظلّ الذي يبتعد.
إنه تلك المساحة التي تتركها الأشياء
حين تقرّر ألّا تكون،
ثم لا تترك لنا حتى فرصة الاشتياق.
الغيابُ الحقيقيّ
هو أن نتساءل:
أكان هنا ما يستحق حضوراً؟
أم أنّنا نحن الذين بالغنا في توقّع الوصول؟
أحياناً يغيب الغياب ذاته،
فنكتشف أننا تعافينا دون أن ننتبه،
وأن ما كان يوجع الأمس
صار خفيفاً كالنسمة…
يمرّ ولا يعكّر هواء القلب.
وعندما يغيب الغياب،
نسمع خطواتنا لأول مرة،
واضحةً تتقدم،
لا تتعثّر بذكرى،
ولا تتوقف عند بابٍ منتظر.
غياب الغياب حكمةٌ هادئة،
يعلّمنا أن الأشياء لا تستحق أن نحملها
أطول مما يجب،
وأن القلب لا يُبقي مكاناً
إلا لما يريد أن يعيش فيه فعلاً.
وحينئذ…
نفهم أنّ الحضور لا يأتي دائماً
من كثرة الوجوه،
بل أحياناً من فراغٍ نظيف،
تتّسع فيه الروح
على قدر ما تستحق.
