بقلم/ السيد عيد
في زمن ليس ببعيد، كانت مسلسلات رمضان بمثابة وليمة درامية تجمع العائلة حول الشاشة، تقدم وجبات فنية دسمة مليئة بالمعاني والرسائل الراقية.
موسم رمضان هذا العام شهد “أحداثًا درامية” لا تقل إثارة عن أي مسلسل! ولكن الأمر ليس حول القصص المعقدة أو الصراعات العاطفية المليئة بالتشويق، بل حول الانهيار الواضح في الذوق العام، والذي قد تكون أكبر ضحاياه سي السيد، الذي قرر أن يشاهد بعض المسلسلات ليواكب العصر.
في البداية، دخل سي السيد إلى غرفة المعيشة كعادته، ولكن هذا العام كان مختلفًا، فقد قرر أن يواكب الجيل الجديد ويتابع “المسلسلات المميزة”، رغم أنه كان يعتبر التلفاز مجرد وسيلة لعرض نشرة الأخبار.
“يا أمينة، خليكي معايا في المسلسلات دي، أنا عايز أفهم الجيل ده بيفكر إزاي!”
وكانت المفاجأة الكبرى عندما شاهد أول حلقة من مسلسل “اش إش والعتاولة”، الذي تصدر كل الشاشات. “مش فاهم حاجة، ده إيه ده؟” قالها سي السيد، وهو ينظر إلى الشاشة وهو في حالة من الارتباك.
في المسلسل، لا تجد سوى العتاولة يتحدثون بطريقة مشوهة، مع حوارات مليئة بالكلمات التي لا يوجد لها معنى، بينما تقتصر الإثارة على مشاهد “الدراما المكياج” و”الأزياء الصاخبة”. لم يعد الأمر مقتصرًا على صراع الأبطال، بل أصبح كل شيء يعتمد على “الشو” والإثارة المبالغ فيها.
“ده بقى اللي انتوا عايزين تشوفوه؟ دي مش مسلسلات يا أمينة، دي مشاهد من مهرجان صراع الألوان!”
حاول سي السيد أن يتماسك، لكنه بدأ في الهذيان: “مش معقول! فين الثقافة؟ فين الذوق؟ ده مش مسلسل، ده مجرد عرض رقص وكلام مش مفهوم!”
ومع مرور الأيام، اكتشف سي السيد أن المسلسل “اش إش” أصبح حديث المقاهي والمنازل، بينما يزداد الجدل حول “العتاولة” الذين سيطروا على الساحة الدرامية.
الذوق العام في خطر!
صحيح أن سي السيد كان قد قرر أن يشاهد المسلسل من باب “مواكبة العصر”، لكنه اكتشف أن الذوق العام في انهيار حقيقي! وفي محاولة أخيرة لاستعادة التوازن، بدأ يغير القنوات، ليجد نفسه في معركة حقيقية بين الترفيه الفوضوي والمحتوى الذي يحمل قيمة.
في النهاية، عاد سي السيد إلى غرفته وقال لأمينة: “مش هنشوف المسلسلات دي تاني، لازم نرجع للقديم… دي كلها فوضى وتدني!” ومع ذلك، لم يلبث أن صرح: “بس يلا، خلينا نشوف شويه حاجات جديدة… بس من غير العتاولة!”
والدرس الذي استخلصه سي السيد: “الذوق العام في مسلسلات رمضان؟ لازم ننقذه قبل ما نصل للمرحلة اللي نبقى فيها مثل العتاولة واش اش .
