بقلم: م. جيهان بشير ابوكبدة
يُعدّ أنمي “مذكرة الموت”، المقتبس من مانغا تسوغومي أوبا ورسومات تاكيشي أوباتا، أحد الأعمال التي شكّلت نقطة تحول في عالم الأنمي، إذ يجمع بين الإثارة البوليسية واللغز الفلسفي العميق، ويطرح تساؤلات حول مفهوم السلطة وحدود العدالة.
بزوغ القوة وبداية الانحدار
تبدأ الأحداث عندما يعثر الطالب النابغة لايت ياغامي على مذكرة غامضة سقطت من عالم الشينيغامي، تُدعى “مذكرة الموت”. تتيح هذه المذكرة لمالكها قتل أي شخص بمجرد كتابة اسمه مع تصور وجهه.
يرى لايت في هذه القوة فرصة “لتطهير” العالم من المجرمين، ويتخذ هوية كيرا، معتبرًا نفسه صاحب رسالة لإنشاء عالم مثالي خالٍ من الشر. هنا يظهر الصراع الأخلاقي:
لايت يتبنى مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، بينما يرى المجتمع الدولي فيه قاتلًا يجب إيقافه.
في المقابل، يدخل المحقق العبقري إل إلى المشهد، ليمثل القانون والنظام، مؤمنًا بأن كيرا ليس منقذًا بل مجرمًا خطيرًا.
صراع العقول والمبارزات الذهنية
تكمن روعة الأنمي في الصراع الذهني الاستثنائي بين لايت وإل، حيث يخوضان سلسلة من المناورات الحادة، وكأنهما لاعبا شطرنج يحركان العالم من حولهما:
اختبار الموقع الجغرافي لكيرا: استطاع إل حصر وجود كيرا في منطقة كانتو من خلال بث مصيدة تلفزيونية ذكية.
الحضور في الجامعة: ظهر إل أمام لايت تحت اسم “إل” ليضعه تحت المراقبة المباشرة دون أن يترك له مجالًا للمناورة.
خطة فقدان الذاكرة: تخلّى لايت مؤقتًا عن ملكية المذكرة وفقد ذكرياته كليًا ليثبت براءته، بينما يستمر القتل عن طريق مستخدم آخر. هذه الخطوة أكدت عبقريته في التخطيط بعيد المدى.
البعد الفلسفي وتحذيرات القوة
يحمل الأنمي رسائل متعددة حول السلطة والأخلاق:
الفساد الناتج عن القوة: فمع مرور الوقت يتحوّل لايت من شاب طموح إلى شخصية مستبدّة تقتل كل من يعترض طريقها، مما يؤكد أن القوة المطلقة تُفسد صاحبها.
الصدفة والقدر: وجود الشينيغامي ريوك الذي أسقط المذكرة بدافع الملل، يشير إلى أن سلسلة الأحداث التي غيّرت العالم بدأت بشكل عشوائي، مما يطرح تساؤلات حول حرية الإرادة.
قوة الصورة الإعلامية: ساهم الإعلام في تعزيز صورة كيرا كرمز للعدالة، ما جعل الجماهير تتأرجح بين الخوف والإعجاب.
النهاية وسقوط كيرا
بعد وفاة إل، يواصل تلميذاه نير و ميلّو ملاحقة كيرا، كلٌ بأسلوب مختلف، حتى ينجحا في تضييق الخناق على لايت.
المواجهة الأخيرة: خطط لايت لقتل خصومه في الاجتماع النهائي، لكنه وقع في فخ متقن نصبه نير عبر استبدال صفحات المذكرة، ليتم كشفه أمام الجميع.
الانهيار: ومع انكشاف الحقيقة، يعترف لايت بهويته كيرا في لحظة انهيار نفسي، ليكتب الشينيغامي ريوك بعدها اسمه في المذكرة، كما وعده في بداية القصة.
رغم أن إل لم يشهد النهاية، إلا أن مبادئه التي تحمي القانون والنظام نجحت في النهاية، مؤكدة أن تحويل الإنسان لنفسه إلى إله هو بداية سقوطه.
