بقلم : جمال حشاد
تشهد الكتابة الصحفية اليوم في عصر الميديا تحولات جذرية لم يسبق لها مثيل، فرضتها الثورة الرقمية، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وتسارع تدفق المعلومات. لم تعد الصحافة حكرًا على المؤسسات الكبرى أو الصحف الورقية، بل أصبحت فضاءً مفتوحًا يشارك فيه الصحفي المحترف، وصانع المحتوى، وفي ظل هذا الواقع الجديد، أصبح احتراف الكتابة الصحفية ضرورة ملحّة، وليس مجرد مهارة إضافية، لضمان المصداقية والتأثير والاستمرارية.
أول ملامح الاحتراف في عصر الميديا كما هو الحال فى شتى كتاباتى بجريدة “حديث وطن” هو وعيى كصحفى محترف اكتب فى الجريدة الورقية والالكترونية على حد سواء هو وعيي التام بتغير طبيعة الجمهور :
فقارئ اليوم سريع البديهة، متطلب لأخبار عديدة، ومتعدد المنصات. يطالع الخبر عبر الهاتف المحمول، ويتنقل بين النص والصورة والفيديو في ثوانٍ معدودة. لذلك لم تعد الكتابة المطولة وحدها كافية، بل بات الصحفي مطالبًا بكتابة محتوى واضح، مكثف، وجذاب، مع الحفاظ على العمق والدقة. العنوان القوي، والمقدمة الذكية، واللغة السلسة، أصبحت عناصر أساسية لجذب انتباه الجمهور وسط زحام المحتوى.
ثانيًا: ما يفرضه عصر الميديا على الصحفي إتقان الأدوات الرقمية. فالاحتراف لم يعد يقتصر على مهارة الصياغة اللغوية، بل يشمل القدرة على استخدام المنصات الإلكترونية، وتحليل البيانات، وفهم خوارزميات النشر، والتفاعل مع الجمهور. كما أصبح من الضروري أن يمتلك الصحفي معرفة بأساسيات الصحافة متعددة الوسائط، مثل دمج النص مع الصورة، والفيديو، والإنفوجرافيك، لإيصال المعلومة بأكثر من شكل، وبما يتناسب مع طبيعة كل منصة.
ومن أهم ركائز الاحتراف أيضًا الالتزام بالأخلاقيات المهنية. ففي زمن الأخبار الزائفة، والشائعات، وسرعة النشر، تتعرض القيم الصحفية لضغوط كبيرة. وهنا يبرز دورى كصحفي محترف في جريدتى “حديث وطن ” حيث التحقق من مصادر الأخبار، وتدقيق المعلومات، والفصل بين الرأي والخبر، واحترام خصوصية الأفراد. فالسبق الصحفي الذى اجذبه للجريدة لا يبرر الخطأ، والمشاهدات لا تعوّض فقدان المصداقية. إن الثقة التي يمنحها الجمهور لى كصحفي هي رأس المال الحقيقي في عصر الميديا.
كما يتطلب الاحتراف تطوير اسلوبى الصحفي بما يتناسب مع القضايا المعاصرة. فالقارئ لم يعد يبحث فقط عن الخبر المجرد، بل عن التحليل، والتفسير، وربط الأحداث بسياقاتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهذا يستدعي منى كصحفي امتلاك ثقافة واسعة، وقدرة على التفكير النقدي، ومهارة في طرح الأسئلة العميقة، دون الوقوع في التبسيط المخل أو التعقيد الممل.
ولا يمكن إغفال دور وسائل التواصل الاجتماعي في إعادة تشكيل العلاقة بينى وبين الجمهور. فقد أصبح الصحفي حاضرًا بشخصه، وليس فقط بمقالاته. احتراف الكتابة الصحفية اليوم يشمل حسن إدارة الحضور الرقمي، والتفاعل المسؤول مع المتابعين، وتقبل النقد، دون الانجرار إلى الاستقطاب أو الشعبوية. فالتوازن بين المهنية والتفاعل الإنساني بات من أصعب تحديات الصحفي المعاصر.
إن احتراف الكتابة الصحفية في عصر الميديا هو عملية تعلم مستمرة. فالتقنيات تتغير، والمنصات تتطور، واهتمامات الجمهور تتبدل. الصحفي المحترف هو من يواكب هذه التغيرات، ويطوّر مهاراته باستمرار، دون التفريط في جوهر المهنة ورسالتها. فالصحافة، مهما تغيرت أدواتها، تظل فعل معرفة ومسؤولية، ودورها الأساسي هو خدمة الحقيقة، وتنوير الرأي العام.
ويمكن القول إن عصر الميديا لم يقلل من قيمة الكتابة الصحفية، بل رفع سقف التحدي أمامها. ومن يطمح إلى الاحتراف الحقيقي، عليه أن يجمع بين المهارة، والأخلاق، والتكنولوجيا، ليبقى صوته موثوقًا ومؤثرًا في عالم يعج بالأصوات..
ولعل كثرة الكلام دون الاستماع إلى خبرات الآخرين فى هذا المجال ذلك ما يؤاخذ عليه العديد من زملائي الذين يعملون بالصحافة الورقية والالكترونية على حد سواء.
